موانع التدبر
موانع التدبر
عند ذكر أسباب لأمر ما نجد أن هناك موانع بالتبعية، وكما ذكرنا بعضًا من الأسباب المهمة سنذكر هنا الموانع التي تبني حاجز التدبر بين المسلم والقرآن، وتمنعه من الغاية المطلوبة منه وهو إتقان تلاوته وفهمه وتدبره والفقه فيه والعمل به، والانتفاع بكنوزه، كما عهدنا جيل الصحابة والتابعين (رضوان الله عليهم)، حيث كان القرآن محور حياتهم ومحيي قلوبهم، ومن هنا تعددت موانع التدبر وانقسمت إلى موانع معنوية وموانع حسية.
إن من مظاهر الموانع المعنوية عدم إدراك عظمة وقيمة القرآن، والانجراف خلف البدع والانحرافات داخل المذاهب، أيضًا اتباع المتشابه وترك المُحكم، وهذه قضية كبرى توضح قصورًا في فهم القرآن، ومن المظاهر المانعة المعصية وهي تعبر عن وجود حاجز بين القلب والقرآن، أيضًا الكبر وهو من المحرمات، ومن أشد الموانع التي تمنع التدبر كما قال النبي (ﷺ): “لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ”.
أما الموانع الحسية فقامت على ضعف اللغة العربية لغة القرآن والتنزيل الإلهي، يقول تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾، ومن أكثر الموانع شيوعًا هو ظن الناس أن نهاية صفحة أو ربع أو جزء تعني اقتصارها على مفهوم ومعنى معين خاص بهذا الجزء ولكنها تعبر عن ترتيب المصحف، من الموانع أيضًا اهتمام القارئ بأحكام التجويد دون النظر في المعاني وتدبرها، ومن أهم الموانع مجالس اللغو التي تصرف المسلم عن كتاب الله وتدبره، وهذه الموانع تبين مدى خطورتها للصد عن كتاب الله.
إن إدراك أهمية وأثر هذه الموانع في نفس المسلم يبين أنها لا تسمح للعقل بفهم الآيات، وأن القلب لا يستطيع التجاوب معه وأنه أصبح ضعيف الإيمان، ولكن عندما ندرك كيف نتخلص من هذه الموانع نتذكر الجيل الذهبي، جيل الصحابة (رضوان الله عليهم)، وكيف استقبل هذا الجيل القرآن، واستطاعوا التخلص من رواسب الجاهلية بعد قدوم الإسلام، فاستطاع القرآن إعادة صياغتهم وحسن تربيتهم وبناءهم بالهدي الإلهي.
الفكرة من كتاب مبادئ تدبُّر القرآن الكريم
أكرم الله أمة محمد (ﷺ) بالقرآن، رفعة لهم في الدنيا والآخرة، وأجرى على لسان رسوله الكريم أن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فإن التمسُّك به نجاة والإفلات مهلكة.
لكنْ تمسك المسلمون بالقرآن على فروع التلاوة والحفظ فقط، وفقدوا أهم الفروع وهو التدبُّر، وغاب عنهم وهو الفعل الحقيقي لتذوق معاني القرآن والعمل به، وفي هذا الكتاب يوضح الكاتب بداية طريق التدبر ليساعد على فهم القرآن الكريم والتمسك به.
مؤلف كتاب مبادئ تدبُّر القرآن الكريم
عبد المحسن بن زبن المطيري: أستاذ مساعد بقسم التفسير والحديث بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت، له العديد من المقالات والمؤلفات، ومن أهم مؤلفاته:
الأدلة الجلية على صدق خير البرية.
اليوم الآخر في القرآن الكريم والسنة النبوية.
دعاوى الطاعنين في القرآن الكريم في القرن الرابع عشر الهجري والرد عليها.