مواقف لا تُنسى
مواقف لا تُنسى
يمر الإنسان بمواقف تحدث في صغره تظل عالقة في ذهنه طيلة عمره، لا يمكنه نسيانها، بل أحيانًا تدفعه لتغيير حياته، وهذا ما حدث مع الصغير عمرو بن بحر الجاحظ عندما جاء له رجل كبير في السن وهو جالس على الشاطئ ليتناول طعامه بعد يوم شاق من عمله، وإذا به يخدعه ويأكل طعامه كله دون أن يترك له شيئًا، وعندما واجهه الطفل الصغير غضب منه وألقى اللوم عليه، هذا الموقف أثَّر في الجاحظ ودفعه ليصبح أديبًا كبيرًا، له الكثير من المؤلفات التي تحدَّث فيها بأسلوبه المميز عن صفات البشر وطبائعهم والصفات السلبية التي بهم، ومن أشهرها “البخلاء”، و”الحيوان”.
وعن الموقف الذي لم ينسَه يوسف الصبي، والذي جعل منه فارسًا عظيمًا يحكي عنه العالم بأكمله حتى يومنا هذا، وهو عندما أوقفهم الصليبيون أثناء ذهابهم إلى حلب وطالبوهم بأخذ بضاعتهم ودفع الجزية، ولم يكتفوا بهذا، بل أصروا على خروجهم مُنحني الرأس أمامهم، ولكن الصبي رفض أن ينحني وظل صامدًا. أصبح هذا الصبي الشجاع سلطانًا على مصر وغيَّر اسمه لصلاح الدين الأيوبي وهو من أعظم قادة العالم، والذي خاض ضدهم واحدة من أشهر المعارك في التاريخ (معركة حطين)، وتمكَّن من تحرير بيت المقدس منهم وأخرجهم مذلولين ومنحني الرؤوس.
أما المشهد الذي لم يغِب عن عيني جمال عبد الناصر؛ مشهد قتل الفتاة الصغيرة بائعة سكر النبات أمامه، ففي عام 1925 كانت محافظة القاهرة مليئة بالمظاهرات ضد الاحتلال، والذي دفع ثمنها أرواح بريئة كان كل هدفها الحرية، لم ينسَ جمال ما فعله جنود الاحتلال أبدًا، وما إن كبر حتى قام هو ومجموعة من أصدقائه بثورة 23 يوليو، خلَّص بها مصر من الاستعمار حتى أصبح رئيسًا لمصر.
الفكرة من كتاب عظماء في طفولتهم
إن الأحلام الصغيرة والأفكار المُلهمة تبدأ منذ الطفولة، فإذا تحوَّلت إلى حقيقة قادت صاحبها نحو مستقبل يغيِّر حياته وحياة العالم بأكمله، وهذا الكتاب أشبه بالسفينة التي تنتقل من بلد إلى آخر، ومع كل بلد نتوقف لنكتشف كيف كانت طفولة العظيم الذي وُلِد ونشأ بها، وكيف قادته فكرته ليصير واحدًا من الشخصيات التي لم ينسَها التاريخ على مر العصور.
مؤلف كتاب عظماء في طفولتهم
محمد المنسي قنديل: كاتب وروائي مصري، ولد في المحلة الكبرى بمصر عام 1949، وتخرج في كلية الطب، وعمل بالطب لمدة عام ونصف تقريبًا ثم في التأمين الصحي، وبعد فترة قصيرة ترك المجال بأكمله وتفرَّغ للكتابة، وكتب في العديد من المجالات ولمختلف الأعمار، تنوَّعت كتاباته ما بين الكتب والروايات والقصص، وحصل على عدة جوائز، ومنها جائزة الثقافة الجماهيرية وهو طالب، وجائزة الدولة التشجيعية عام 1988، وجائزة ساويرس للآداب عام 2006، وتحولت بعض رواياته إلى مسلسلات مثل رواية “يوم غائم في البر الغربي”، ورواية “أنا عشقت”.
من أبرز أعماله:
انكسار الروح.
قمر على سمرقند.
كتيبة سوداء.