مهمة ذهنية.. مرض وليست صحة!
مهمة ذهنية.. مرض وليست صحة!
إن الخطوة الأولى والأهم لأي شخص راغب في الوصول إلى وزن طبيعي أو المحافظة على وزنه الحالي، هي تغيير أفكاره حول البدانة؛ يجب أن يتعامل البُدُن مع البدانة باعتبارها مرضًا ومحفزًا لأمراض أخرى، وعلى هذه المرحلة ألا تطول كثيرًا، فالمماطلة والتأجيل لا تزيد الأمر إلا سوءًا، ومع كل أسبوع يمضي يرتفع خطر الإصابة بأمراض السكري وضغط الدم، كما يمكن أن يُحرم الجسدُ المرونةَ الحركية اللازمة لممارسة أي نشاط رياضي، وقد يُضطر معها الطبيب إلى التدخل الجراحي أو الدوائي، وظهور عواقب أخرى وخيمة كان من الممكن تفاديها فقط بالبداية مبكرًا.
في الحقيقة ليس الطعام هو المشكلة، بل سلوكنا الغذائي، إن احترام الهرم الغذائي والحفاظ على مواعيد الوجبات، صفة أساسية لأي نظام غذائي متوازن، مع التزام إعداد الطعام في المنزل، وقد شهد علم التغذية تحولات جذرية من الاعتماد على الحميات الغذائية، إلى تصميم استراتيجيات تستهدف تغيير السلوك وتحترم خصوصية الأفراد، لقد ولّى عصر الأنظمة الثابتة، ويمكن القول إن لكل شخص نظامه الغذائي الخاص الذي يتناسب مع طبيعة حياته، لذلك عندما تسمع أي كلمات حول النظام المعجزة أو الكيلوجرامات الكثيرة التي سوف تخسرها بسرعة، عليك أن تهرب فورًا.
لتحقيق هذه المعادلة الصعبة، التي تجمع بين رضا المرضى وحزم أطباء التغذية، يجب علينا أن نفهم أن بوسعنا تناول كميات غذائية مرضية تُشعرنا بالشبع دون أن تحتوي الآلاف من السعرات الحرارية، إن معالجة المواد الغذائية وتعقيد وصفاتها، غالبًا ما تُضاعف من حجم السعرات التي كانت تحتويها في البداية، لكن تحت رعاية الهرم الغذائي يمكنك تكوين وجبة متوازنة للغاية ومرضية لذوقك كذلك، لقد أثبتت الحميات القاسية عدم ملاءمتها لمعظم طرائق العيش، وقد تجد نفسك خارجًا منها بضِعف الوزن الذي أردت خسارته.
لكن يجب أن تعلم أن جسدك أكثر دهاءً مما تحسبه، وقد شاعت أنظمة الصيام المتقطع وسيلةً عملية لخسارة الوزن، لكن هل لها أي جدوى خاصة؟ سيأخذ جسمك نصيبه اليومي من السعرات مهما حدث، ولن يولد قهرك له سوى المزيد من الإلحاح على مراكز الجوع، ستجد نفسك جالسًا على الطاولة بعيون نهمة، وسيكون تحديًا صعبًا أن توقف الجسر الجوي بين يدك وفمك.
الفكرة من كتاب البدانة: مرض العصر من الألف إلى الياء
لا تأخذ مشكلة البدانة طابعًا سلبيًّا في المخيلة الشعبية، خصوصًا العربية، ويمكن تفهم هذا من تاريخ عالمنا مع الطعام، كانت الفترات العصيبة الكثيرة تحث الناس على التوجس من المستقبل، فأمدوا أجسادهم في أيام الرخاء بقدر ما استطاعوا، لكن بعد أن انحسرت فترات المجاعات، ظهرت البدانة نتيجة لعادات اختفت أسبابها، وزادت الحياة الحديثة من الأزمة، وأضافت إلى وفرة الطعام، نقص النشاط والدعوة إلى الراحة.
يُظهر المؤلف الوجه الآخر لظاهرة البدانة، كما ينتقد أساليب الحمية التقليدية التي لا تحترم رغبات الفرد أو حياته الخاصة، ويطرح أسلوبًا غذائيًّا متزنًا متنوعًا، هو أقرب ما يكون إلى طريقة أجدادنا الأوائل في العيش، ولا شك أن الأمر لا يتوقف عند الطعام فقط، لكنها الخطوة الأولى لحياة أكثر اتزانًا.
مؤلف كتاب البدانة: مرض العصر من الألف إلى الياء
سمير أبو حامد: طبيب بشري ومؤلف، له عديد من المؤلفات في مجال الطب، منها:
مرض الزهايمر: النسيان من نعمة إلى نقمة.
الجلطة الدماغيّة: فالِج.. عالج.
التدخين آفة العصر: من الألف إلى الياء.