مهارات الحوار
مهارات الحوار
الحوار هو لغة توصيل الأفكار بين الناس، وهنا يأتي السؤال: لماذا لا نستطيع أن نوصِّل أفكارنا للآخرين بصورة حسنة؟ فلو تأمَّلت لوجدت أنه أكثر ما يوصل الإنسان إلى البغض.. هو اللسان، وتعلَّم قدر الكلمة فإنه بالكلمة قد يلقي الله سخطه على العبد يوم القيامة أو يرفعه بها درجات في الجنة.
وللحوار مهارات أجملها المدح، فعوِّد نفسك على مهارة مدح الآخر واكتشاف الجانب الحسن منه قبل السيئ.
حتى في النصح تعلَّم أن تستخدم العبارات اللطيفة، فالحكمة تقول: “لا تكثر في النقد، وإنما أكثر فى المدح”، فاللسان العذب هو نوع من السحر يسحر به القلوب، فالمرأة تصبر على كثير من عيوب زوجها في مقابل كلامه المعسول.
ومن أعذب الكلام.. الدعاء، ويعد الدعاء من مهارات كسب الناس، فالناس تحب أن يُدعى لهم، ولكن لا تجعل عبارات دعائك اعتيادية، وقد يكون الدعاء أكثر تأثيرًا من النصح المباشر، فقد كان النبي (ﷺ) يستخدم الدعاء في الدعوة وكسب القلوب، فإذا فشلت في أن تقضي للناس حوائجهم فاقضِها لهم بلسانك.
وكن متفاعلًا في حوارك، فلا تكُن مثل الذي يستقبل الأخبار السارة ببرود، قال عبد الله بن المبارك: والله إن الرجل ليحدثني بالحديث وأنا أعرفه من قبل أن تلده أمه فأسمعه منه وكأني أول مرة أسمعه، فتفاعل في كلامك وتعبير وجهك حتى يأنس الآخرون بك.
وانتبه، فالناس لا تهتم للحديث مع من اشتهر عنه الكذب، لأن الناس تنفر من الكذب ويجعلهم يفقدون الثقة فيك، فإذا وقع أحدهم في مشكلة فلا يلجأ إلى من يعرف أنه كاذب، هنا سئل الرسول (ﷺ): أيكون المؤمن كذابًا؟؟ قال: لا، فلا تكذب فى الحديث، وكن شجاعًا، ولا تستحي من قول كلمة الحق .
ولكن لا تجعل مهارات الحوار تُنسيك أن لديك أذنين ولسانًا واحدًا، فاسمع أكثر مما تتكلَّم، والهدوء الجذاب وفن الاستماع له مهارات متعددة، ففي أوائل بعثة الرسول (ﷺ) اتهم بالجنون، فجاءه رجل اسمه ضماد (له علم بالطب) فقال: أين الرجل؟ لعلَّه يشفى على يدي، وجلس يتحدث مع النبي (ﷺ) ظنًّا منه أنه يعالج والنبي يسمع منه ويحترمه، فإذا مارست براعة الاستماع تكون بارعًا في كسب محبة حديث الناس إليك.
الفكرة من كتاب استمتع بحياتك
كم من أناس محبوبين يفرح الناس بلقائهم، فكيف يمكن لرجل أن يحبه أهله ويحترمه أصدقاؤه والأطفال يعتبرونه قدوة، ولماذا إذا تكلم أحدنا لم يهتم الناس لكلامه وتكثر الأحاديث الجانبية؟ وفي حين تكلم آخر ينصت الجميع على الرغم من أن الأول قد يكون أكثر علمًا منه؟
الفرق هنا في المهارات وفن التعامل والتميز في الإلقاء، دعونا في هذا الكتاب نلقِ نظرة على من وصف الله (عز وجل) خُلقه فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ لندرس فنون الحياة في المدرسة المحمدية (صلى الله على محمد).
مؤلف كتاب استمتع بحياتك
محمد عبدالرحمن العريفي: هو داعية إسلامي سعودي حاصل على دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وأستاذ مساعد في كلية المعلمين بجامعة الملك سعود بالرياض.
وله العديد من المؤلفات مثل: كتاب “ضع بصمتك”، وكتاب “المفيد في تقريب أحكام المسافر”، وكتاب “عاشق في غرفة العمليات”.