من يقع في حب المؤذي؟
من يقع في حب المؤذي؟
في العلاقة المؤذية لا تقع المسؤولية ولا يقع الخلل على الشخص المؤذي فقط، لكن يوجد خلل أيضًا عند الضحية يجعلها أكثر قابلية لدخول وقبول هذه العلاقة والإيذاء، فما الذي يجعل لدى البعض القابلية للتورط أكثر في علاقة مسمومة كهذه؟
أول أسباب التورط العاطفة المثالية المفرطة؛ وتتمثل بقوة في تلك الفتاة الحالمة بالفارس الأبيض، وختم حكايتها بجملة “عاشوا في تبات ونبات”، وتبحر دائمًا في عالم الدراما من أفلام ومسلسلات، وللمشاعر عندها قدسية مبالغة، ومهمتها الوحيدة هي وكل صديقاتها مراقبة تلميحات الآخرين لهم، وهناك النسخة الدينية التي تنتظر القديس المتدين، الذي سيسبِِّح على أصابعها، ويؤمُّها في صلاة الليل، ويربون أبناءهم بطريقة مثالية حالمة ليستردوا التاريخ، فيأتي هذا المؤذي والأجواء مجهَّزة لاستقباله دون أي مقاومة، وتدخل هذه العلاقة وتتحمل الأذى لخوفها من الهجر والوحدة، وإذا وصلت العلاقة إلى الزواج سيكون سبب بقائها بعض الأفكار الاجتماعية أو الدينية التي تأمرها بالتحمل.
وأيضًا للشخصية السلبية أو القلقة بسبب تجارب سابقة أو التربية قابلية لدخول مثل هذه العلاقة، والوقوع في فخ المؤذي، حيث يُظهر النرجسي اهتمامًا بالغًا بها، ويمنحها شعورًا بالاستحقاق، ويغدق عليها الغزل والمديح، ويتلاعب باحتياجها الشديد إلى القبول، فتستمدُّ قوتها من غزله وكلامه، ويصبح هو فقط مصدر شعورها بالقيمة، فتزداد تعلقًا به، إلى أن تصبح أسيرة له، وتستقبله في كل مرة يهجرها ويعود إليها، وتتحقَّق نبوءة “لا أستطيع الاستغناء عنه”.
وللفراغ العاطفي دور كبير للوقوع في فخ المؤذي النرجسي، وتتمثل في الاحتياج إلى وجود أحدهم بالجوار؛ بسبب عدم تمكن الأهل والأصدقاء من المشاركة والتفهم والاستيعاب، فيشعر المرء بالغربة في محيطه، وتُغذي الأفلام والمسلسلات وأحاديث الأصدقاء هذا الشعور، فيتوهم المرء عند لقاء أحدهم أنه وقع في حبه فجأة، وهذا ليس إلا وهمًا، حيث يسعى الفراغ دومًا للامتلاء بأي شيء، وفي كل الأحوال ينبغي أن تعرف أنك لم تحب حقًّا، فقط كنت جاهزًا ومتلهفًا بشدة إلى الحب بشكل قد يسهل التوهُّم والالتباس.
الفكرة من كتاب أحببت وغْدًا.. التعافي من العلاقات المؤذية
تبدأ العلاقات المؤذية حينما يريد المرء الهروب من ذاته وممن حوله، وأكثر الناس اقترافًا لأخطاء الاختيار هم أولئك الذين ينتظرون بشغف، ويترقَّبون بتلهُّف، فيقدم الكاتب روشتة نفسية ليست مقتصرة فقط على العلاج، بل أيضًا تتطرق إلى طبيعة العلاقات المؤذية، وطرق التعافي منها، في محاولة لفهم أوسع، وإخراج الضحايا من دائرة الوهم، ومنحهم زاوية جديدة لرؤية الوغد المؤذي.
مؤلف كتاب أحببت وغْدًا.. التعافي من العلاقات المؤذية
الدكتور عماد رشاد عثمان: طبيب بشري من مواليد الإسكندرية عام 1986 ميلاديًّا، كاتب وباحث ملتحق بدرجة ماجستير أمراض المخ والأعصاب، والطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية، له العديد من المؤلفات، ومنها:
رواية اقتحام.
أبي الذي أكره.