من نيجيريا إلى الهند، بحثًا عن طبق أرز!
من نيجيريا إلى الهند، بحثًا عن طبق أرز!
في ظل رحلة بحث نيجيريا عن مصدر لطبقها الرئيس، يقع اختيارها على الهند، والهند هي مصدر طبق من كل خمسة أطباق أرز حول العالم، في ظاهر الأمر تبدو الهند في وضع جيد، فهي تمتلك أكبر مساحة مزروعة بالقمح والأرز في العالم، وهي أيضًا أكبر مُنتِج للحليب والبقر والتوابل، لكن كما يخدع الظاهر في معظم الأحيان، فإن الهند التي تطعم العالم وتمتلك كل هذه الثروات الغذائية لا يعيش سكانها ميسوري الحال ولا يتغذون جيدًا، وذلك لأن فلاح الهند كأي فلاح آخر، يبذل جهودًا مضنية في الزرع وينال عائدًا ضئيلًا مما يحصد، كما يعمل هؤلاء الفلاحون في ظروف صعبة، إذ يعيشون تحت رحمة الأمطار ويظلون في حذر من الرياح الموسمية والجفاف، بالإضافة إلى أنهم يعانون سوء نظام التخزين والتوزيع، وتعقيد الأوراق والبيروقراطية.
إذًا كيف تخرج الهند من هذا النفق؟ توجهت الهند إلى صناعة أخرى وهي تكنولوجيا المعلومات، وأصبحت مدينة بنجالور أكبر موطن لشركات تكنولوجيا المعلومات، وتقدم خدماتها إلى البنوك والشركات الكبرى في كل أنحاء العالم، وقد كانت الانطلاقة الكبيرة لهذا القطاع سببًا رئيسًا في ثراء الهند، عفوًا! ليس ثراء الهند وإنما ثراء ما يقل عن 1% من سكانها، وسيُراكم هؤلاء القلة المكاسب ويتعاملون مع البنوك لحفظ ثرواتهم، بينما ستظل غالبية الشعب تُمسِك أموالها القليلة في أيديها وتُنفِقها لتوفير احتياجاتها اليومية، وهذه النقود السائلة هي مشكلة الهند، فحتى وقت قريب جدًّا كان أكثر من 9 من كل 10 روبيات يجري تداولها في الهند على شكل نقود سائلة، كما أن نصف الشعب الهندي ليست لديه حسابات بنكية، و85% يتسلمون رواتبهم نقدًا، ولا يوجد سوى 25 مليون بطاقة ائتمان في الهند بمعدل واحدة لكل خمسين شخصًا.
وكان لا بد من حل هذه المشكلة لتضييق الخناق على الأنشطة المالية غير القانونية، والتمكن من جمع الضرائب بكفاءة، لذا في خطاب طارئ عام 2016 أبلغ رئيس الوزراء «ناريندرا مودي» شعبه بوقف تداول الأوراق النقدية من فئة 500 و1000 روبية، ما أثار تدافعًا على البنوك لإيداع هذه الأموال قبل أن تصبح غير صالحة، فترتب على هذه الخطوة عديد من الصعوبات المادية التي واجهها الشعب، وسيطرت حالة من الجمود على النشاط المالي، لأن الحكومة تأخرت في طباعة الأوراق النقدية الجديدة، ثم وضعت قيودًا على سحب الأموال للتعامل مع نقص السيولة، لكن تلك الخطوة أدت بعد ذلك إلى ارتفاع عائدات الضرائب وشيوع المدفوعات الرقمية، ودفعت باقتصاد الهند نحو العالم المالي الحديث، وتستكمل الهند خطواتها في إحداث ثورتها الصناعية الخاصة، وبهذا يتزايد طلبها على النفط، فتتجه إلى العراق.
الفكرة من كتاب سطوة الدولار: رحلة مذهلة لدولار أمريكي لفهم طبيعة الاقتصاد العالمي
في رأيك أين يذهب الدولار الذي ينفقه المواطن الأمريكي؟ هل تعتقد أن الدولارات تنتهي بها الحال في الأسواق والمحلات التجارية أو البنوك المركزية؟
أنا أيضًا فكرت في هذين الاحتمالين المنطقيين، لكن ما لم أضعه في الحسبان أن يحزم الدولار أمتعته ويترك موطنه استعدادًا لرحلة طويلة جدًّا يجوب فيها الأرض من مشرقها إلى مغربها، فارضًا سطوته وسلطته، فهل أستطيع أن أنقل إليك حماستي لتتبع هذه الرحلة والتشوق لفهم خباياها؟ إذا نجحت في ذلك فدعنا لا نُضيع الوقت ونستعد للانطلاق في رحلتنا الآن.
مؤلف كتاب سطوة الدولار: رحلة مذهلة لدولار أمريكي لفهم طبيعة الاقتصاد العالمي
دارشيني ديفيد: عالمة اقتصاد وكاتبة ومذيعة بريطانية، درست الاقتصاد في كلية داونينج «Downing College» بجامعة كامبريدج، تشغل حاليًّا وظيفة كبيرة مراسلي الشؤون الاقتصادية في «BBC»، وقد سبق لها العمل في بنك «HSBC Investment Bank»، وشركة «Tesco»، كما عملت مراسلة ومقدمة أخبار في شبكة «Sky News» البريطانية، ولها مؤلف آخر بعنوان:
Environomics: How the Green Economy is Transforming Your World
عن المترجمة:
سارة فاروق: مترجمة مصرية، تخرجت في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن عام ٢٠١١م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، تعمل مترجمة أولى لدى مؤسسة «هنداوي»، وسبق لها العمل في الترجمة لدى مجلة «نيتشر»، ومنظمة الصحة العالمية، وشركة «نجوى» للتعليم الإلكتروني، ومن ترجماتها:
«التسويق | مقدمة قصيرة جدًّا».
«عدالة الآنسة بيم».
«قطعة لحم».