من نصائح ابن الجوزي لابنه
من نصائح ابن الجوزي لابنه
وأول نصيحة يخبر ابن الجَوْزي بها ابنه هي معرفة الله تعالى بالدليل ثم الإذعان للشرع، وذلك يحدث بعد أمرين، أولهما: إثبات حقيقة وجود الله (سبحانه وتعالى) للنفس، وهذا يتجلى في رؤية السماء مرفوعة والأرض موضوعة والأبنية المحكمة مثل أجسادنا، فلا بد للصنعة مِن صانعٍ، وللمبنى من بانٍ! أما الأمر الثاني: النظر في دليل صدق الرسول ﷺ، وأعظم الدلائل القرآن الذي أعجز أي مخلوق أن يأتي بسورة من مثله.
وبعد ثبات الاعتقاد ومعرفة الله (سبحانه وتعالى) ننتقل إلى معرفة ما يُوجَب على المرء من الوضوء والصلاة والزكاةِ والحج، وغير ذلك من الواجبات، ومن بعد معرفة قدر الواجب وأدائه، يأتي دور التحلي بالهمة والارتقاء في الفضائل، فنتشاغل بحفظ القرآن وتفسيره، ويمكننا الاستعانة بكتاب ابن الجَوْزي: “زاد المسير في علم التفسير” والانشغال كذلك بحديث رسول الله ﷺ، وتعلّم سِيرته وسِيَر أصحابه والعلماء بعدهم، كما يمكننا الاستعانة بكتاب “الحدائق” الذي يتحدث عن جمهور الحديث، وكتاب “الكشف” في ما يخص الصحيح من الحديث”.
وبالنسبة إلى أم العلوم؛ علم الفقه، فأوصى ابن الجَوْزي بكتابه “جنةُ النظر”، وفي الوعظ يجد الكاتب ما جمعه يكفي، مع معرفة ما يقيم اللغة من علم النحو. ويجد ابن الجَوْزي في كتبه وتصانيفه أنها تغني عن كل ما سبق من تصانيف القدماء وغيرِها، فتسهل الطريق على ابنه في طلب العلم والتعلم، وإن ضعفت الهمة أمام كل ذلك، ورأينا بأنفسنا عجزًا دعونا المنعم، وإن لحق بنا كسل فأنسب الحلول هو اللجوء إلى الله (سبحانه وتعالى) وسؤاله التوفيق، فالخير لا ينال إلا بطاعته، بل ربما يفوت بالمعصية.
الفكرة من كتاب لفتةُ الكَبَدِ إلى نصيحةِ الولدِ
دائمًا ما تكون وصايا الآباء للأبناء مختلفة، فهي تجمع بين الحكمة والشفقة وخلاصة تجارب الحياة، فما بالك إن كان الإمام ابن الجَوْزي هو من سيقدم النصيحة والوعظ؟!
بلسانِ الأب العطوف الحنون المُلقب بواعظ الآفاق ومفخرة العراق، سيطرح لنا الإمام ابن الجَوْزي نصائح عدّة من شأنها المساعدة في استقامة أمور الدين والدنيا وفي سبل كسب العلم، بطريقة سهلة في الطرح، ومؤثرة في القلب، وبالغة الحكمة.
مؤلف كتاب لفتةُ الكَبَدِ إلى نصيحةِ الولدِ
الحافظ ابن الجَوْزي: فقيه حنبلي ومحدّث ومؤرخ، وُلد سنة 508 هـ وتوفي سنة 597 هـ ببغداد، يمتد نسبه إلى أبي بكر الصديق، وعُرف بابن الجَوْزي نسبةً إلى شجرة جوز كانت في داره بواسط، ولم تكن بالبلدة شجرة جوز سواها، وقيل: نسبة إلى “فرضة الجوز” وهي مرفأ نهر البصرة. وتميّز بغزارة إنتاجه وكثرة مصنفاته، التي بلغت نحو ثلاثمئة مصنف في مختلف العلوم وبخاصة التزكية والرقائق.
توفي أبوه وهو في الثالثة من عمره فتولت تربيته عمته، وأرسلته إلى مسجد محمد بن ناصر الحافظ ببغداد، فحفظ على يديه القرآن الكريم، وتعلم الحديث الشريف، وقد لازمه نحو ثلاثين عامًا.
جلس ابن الجَوْزي للتدريس والوعظ وهو صغير، وكان يحضر مجالسه الخلفاء والوزراء والعلماء والأعيان، وأسلم على يديه نحو مئتين من أهل الذمة، وتاب في مجالسه أكثر من مئة ألف.
له مؤلفات عدة، من أشهرها:
الأذكياء.
صيد الخاطر.
صفوة الصفوة.
أخبار الحمقى والمغفلين.
زاد المسير في علم التفسير.
العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.