من علَّم طلاب الطب الأوائل؟ ومن أنشأ نظام التأمين الصحي المصري؟
من علَّم طلاب الطب الأوائل؟ ومن أنشأ نظام التأمين الصحي المصري؟
اكتشف محمد علي أن سقوط الضحايا في جيشه مرتبط بالأمراض أكثر منه بالمعارك، حيث لا يوجد نظام واضح للتعامل مع الحالات الحرجة والأوبئة، ثم اكتشف خلو مصر من أي نظام صحي، فجاء بأنطوان كلوت من فرنسا ليكون معلم طلاب الطب الأوائل في مصر.
أنشأ أنطوان ديوان (وزارة) الصحة الأولى في مصر، وبدأ إنشاء أول مستشفى عسكري في منطقة أبو زعبل بالقرب من شمال القاهرة، ثم بدأ بتدريس أول مئة طالب طب مصريين، وللأسف بمرور الوقت لم يبقَ مع كلوت بك سوى اثني عشر طالبًا فقط ولكنه عندما اصطحبهم إلى فرنسا ليتم اختبارهم في الجمعية العلمية الطبية بحضور عظماء الأوروبيين فتحدث عنهم رئيس الجمعية عقب نهاية الاختبارات قائلًا: “أيها التلامذة بنو مدرسة أبو زعبل رأينا من تقدُّمكم ما يدل على زيادة فضلكم وإجابتكم اليوم جعلت لنا أملًا في أنكم ستنتهجون منهج أجدادكم من كبار الأطباء كابن سينا والرازي وأبي القاسم وأنكم ستسيرون على أثرهم حتى يقال نعم السلف”.
بعد العودة إلى مصر استغلَّ كلوت هذا التفوُّق وطلب نقل المستشفى إلى قلب القاهرة فتأسَّست مستشفى قصر العيني، وانتشر تلاميذ أنطوان في ربوع مصر يعلمون ويطبِّبون حتى أنهم بمرور السنين كانوا يديرون الفريق الجديد الذي جاء به كلوت في عهد سعيد باشا.
أما بنهاية الخمسينيات، فعندما أعلن الأطباء المصريون عدم رضاهم عن حال الطب وإضرابهم تحت قيادة نقابة الأطباء، كان الحل عندما عيَّن عبد الناصر النبوي المهندس وزيرًا للصحة، وكان هذا لسببين: الأول أن النبوي كان يتبنَّى مشروع العلاج وإنشاء الوحدات الصحية في الريف، فهو رجل يريد أن يبدأ من الصفر بعيدًا عن الأضواء، والثاني أنه طبيب أطفال شهير ويتعامل مع مريض لا يستطيع التعبير عن حقيقة أوجاعه، وهو ما كان يحتاجه الطب وقتها.
في الوزارة كانت رؤية المهندس لفكرة الصحة واضحة، فقد وضع شكلًا جديدًا للعمل يتكوَّن من المستشفيات المتخصِّصة، والعيادات الخارجية، وإعداد طعام المستشفى داخلها ودعم هيئة التمريض لتكون قوية، كما أنه حوَّل وحدة الإسعاف لتكون لها ميزانية مستقلة بعيدًا عن المستشفيات، وأسَّس المهندس كذلك حملات التطعيم في مصر، ومشروع تنظيم الأسرة، ومشروع التأمين الصحي الذي يتكفَّل بعلاج العاملين بما يشمل المصابين بأمراض مزمنة، كما أنه مؤسِّس معهد القلب ومعهد السمع والكلام، إضافةً إلى مشروع تصنيع الدواء.
قبل أن يغادر الحياة كان آخر ما فعله المهندس هو التوقيع على بعض قرارات العلاج على نفقة الدولة ثم فارق الحياة متأثرًا بأزمة قلبية.
الفكرة من كتاب صنايعية مصر
يتم إطلاق أسماء الأشخاص على الشوارع والطرق تكريمًا لهم وتخليدًا لذكراهم لما قدَّموه لخدمة الوطن مثل شارع محمد مظهر في الزمالك على سبيل المثال، ومع ذلك لا يعرف معظم الناس شيئًا عمَّن تحمل هذه الشوارع أسماءهم، ومن هنا يأتي هذا الكتاب الذي بدأ العمل عليه ونشرت حلقات منه بصورة غير منتظمة في 2013م في موقع “التحرير”، ثم نشرت بشكل منتظم في 2015م في جريدة التحرير.
في الكتاب يعرفنا عمر طاهر على أكثر من ثلاثين شخصية أثَّرت في التاريخ المصري والثقافة المصرية، فرسموا ملامح البلد وشكَّلوا جزءًا من تاريخ سكانه ولم يحصلوا على نصيبهم من الضوء والاعتراف بالفضل، نستعرض بعضًا منها في السطور التالية.
مؤلف كتاب صنايعية مصر
عمر طاهر: كاتب مصري ولد في صعيد مصر في منتصف السبعينيات، كتب في معظم الصحف والمجلات المصرية، وصدرت له عبر السنين العديد من الأعمال المتنوِّعة، قدَّم عمر طاهر كذلك البرامج الإذاعية مثل برنامج “الطريق إلى عابدين”، كما قدم برامج تلفزيونية مثل “مصري أصلي”.
من مؤلفاته: كتاب “أثر النبي”، وكتاب “حواديت برما”، كما أصدر عددًا من دواوين الشعر مثل ديوان “قهوة وشيكولاتة”، وديوان “مشوار لحد الحيطة”.