من عبادة العباد إلى عبادة الله
من عبادة العباد إلى عبادة الله
مما لا شك فيه أن تغيُّر حال الأمة لن يكون بين ليلة وضحاها، وإنما الأمر كل الأمر هو البدء والصبر والمجاهدة، وذلك لتفشِّي الكثير من الشبهات وانتشار الشهوات وتداعي الأمم حول أمَّة الإسلام، إلا أن معرفة المرض ومحاولة علاجه رحلة لا تنتهي أبدًا.
فصلاح المُسلمين يكون بفقههم وعلمهم لدينهم، ويكون ذلك من خلال العلماء والمُصلحين، ولن يُصلح حال العلماء إلا بصلاح تعليمهم، وصلاح التعليم يكون بالرجوع إلى المنهج النبوي في شكله وموضوعه، والناظر في الآيات الواصفة لهذا الجيل الربَّاني أدرك النتيجة الواجب الوصول إليها حين نتخذ المنهج النبوي منهجًا للتعليم، يقول تعالى: ﴿مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعࣰا سُجَّدࣰا یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰنࣰاۖ سِیمَاهُمۡ فِی وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ﴾، فالمنهج النبوي لا يعرف الخائن، ولا يعلم المبتدع، ولا الحائر المُضلَّل.
تأمل جيدًا كيف يعرف أتباع مُحمَّد (صلى الله عليه وسلَّم) حقيقة إسلامهم، وحقيقة سعيهم في هذه الحياة، فيقول رَبْعيُّ بن عامِر (رضي الله عنه) حين جاء الفرس: “الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سَعَتها، ومن جَوْرِ الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسَلَنا بدينه إلى خَلْقه لندعوَهم إليه فمن قَبِلَ ذلك قَبِلْنَا منه ورجَعْنا عنه، ومن أبى قاتَلْناه أبدًا حتى نفضيَ إلى موعود الله”، قالوا: “وما موعود الله؟” قال: “الجنَّة لمن مات على قتالِ مَن أبى، والظفر لمن بقي” إنها إجابات واضحة، إجابة تدل على ضبط قائلها لكل التصوُّرات والمفاهيم.
وهذه النتيجة لم تأتِ فجأة، بل إنها نتيجة سنوات عديدة وجد فيها النبي (صلى الله عليه وسلَّم) وأصحابه من الشدَّة والأذى والتعذيب ما لم يجده غيرهم، وكانت حقيقة صبرهم تكمن في إبصارهم الحق ومعرفة اليقين، فآثروا الآخرة على الدُّنيا.
الفكرة من كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
كان من مكائد اليهود في العهد النبوي وجهلهم يقولون: “مُحمَّد خلَّف بناتٍ” محاولين إحباط مصانع الرجولة الإسلامية، إلا أن محاولتهم محاولة بائسة، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وسلَّم) خلف من بعده رجالًا لا يخشون الموت، رجالًا أمامهم إحدى الحُسنيين، رجال يقولون بأعلى أصواتهم: “قوموا، فموتوا على ما مات عليه نبيُّكم” وهم في أشد أزماتهم.
وفي كتابنا يعرض الكاتب نماذج عديدة من السيرة النبوية ومن القرآن الكريم في محاولة لتكوين كيف تكون صناعة الرجولة، وما مفهوم الرجولة في الإسلام؟ وهل يقتصر على الذكور وحدهم دون النساء؟ كل تلك الأسئلة نجد إجاباتها في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
محمد عبد المعطي محمد: طبيب استشاري، وباحث شرعي، له اهتمام كبير بمجال التربية، وله عدد من المؤلفات، منها:
“بالحب نُربي أبناءنا”.
“علِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله”.