من صراع الأفكار إلى صراع الطبقات
من صراع الأفكار إلى صراع الطبقات
يُعدُّ كارل ماركس من أشهر المفكِّرين في القرن العشرين، وأكثرهم تأثيرًا في تاريخ الفكر الاجتماعي والسياسي، ويرى ماركس أن التاريخ البشري هو تاريخ صراع طبقات المجتمع حول تملُّك عناصر الإنتاج، وأن البشرية اليوم تستهدف الرجوع إلى عصر المشاع البدائي كما بدأت منذ وُجِدت على الأرض، فلا ملكية لأي شيء، والجميع يمكنه أن يستفيد من الموارد الموجودة بقدر حاجاته، إذ تحوَّلت هذه الصورة من المشاع إلى صور مختلفة من العبودية والإقطاع والرأسمالية، بسبب سيطرة البعض على عناصر الإنتاج، فقسمت البشر إلى طبقتين رئيستين؛ طبقة تملك ولا تعمل تُسمى أحيانًا بالسادة، وأحيانًا أخرى بالإقطاعيين أو البرجوازيين، وطبقة تعمل ولا تملك تُكنى بالأقنان (عبيد الأرض) تارة، وبالفلاحين والبروليتاريا (العمال) تارة أخرى.
وكانت هاتان الطبقتان -ولا تزالان- على مر التاريخ في صراع دائم، وفي دعوة ماركس للتخلُّص من طبقة السادة أو البرجوازية دعوة “للشيوعية”، التي تبدأ بإقامة الأحزاب العماليَّة التي ستشعل ثورة ضد البرجوازية، تنتقل معها السلطة والثروة إليهم، ثم تأخذ هذه الطبقة في تحويل الملكية الخاصة إلى ملكية عامة خلال مرحلة انتقالية من الحكم الاشتراكي، بعدها تصل البشرية إلى المشاع الذي كان سائدًا في بداية الخلق، وإن ما يُستفاد من أفكار ماركس يتعلَّق بالأساس بضرورة توزيع ملكية عوامل الإنتاج والثروة توزيعًا عادلًا بين أفراد وفئات المجتمع، وعدم تركُّزها في يد فئة بعينها، مستغلَّة باقي فئات المجتمع، فتحقيق العدالة الاجتماعية هي الفكرة القلب التي يدور حولها الفكر الماركسي.
الفكرة من كتاب فلسفة التاريخ: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ
يُعدُّ التاريخ الأداة الرئيسة والمنطلق الطبيعي لفهم الحاضر، فالتاريخ ليس مجرد عمل سردي يتتبَّع تطور الإنسان والمجتمعات والنظم فحسب، بل هو مع ذلك كله سجل العبر والعِظات لمن أراد أن يتفكَّر في أحوال الأمم السابقة، أو يتدبَّر السنن التاريخية التي جرت عليهم، والصيرورة التي قامت بها الحضارات وازدهرت، ثم ضعفت، فانتكست، وفلسفة التاريخ هي ذلك العلم والفن المعني باستخلاص مجموعة القواعد التاريخية التي تنبني عليها النظم والمجتمعات، وهو لذلك يقدِّم حزمة لا يستطيع أي مهتم بفهم التاريخ والحضارة وسنن الله في الدول والشعوب أن يتجاهلها، أو يرفض التسلُّح بما تقدمه مدارسها المختلفة من تفسيرات وحقائق لدورات التاريخ والحضارة.
مؤلف كتاب فلسفة التاريخ: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ
جاسم سلطان: طبيب ومستشار، قطري المولد، درس الطب في القاهرة في فترة السبعينيات، هنالك عاصر الصحوة الإسلامية في الجامعات، بعدها عاد إلى قطر ليمارس العمل المجتمعي خلال فترة التسعينيات وحتى بداية الألفية الثانية، وخلال هذه الفترة شغل عدة مواقع إدارة منها: مدير المجموعة القطرية للتعليم والتدريب، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «بيت الخبرة» للتدريب والتطوير، ثم ترك الطب وتفرَّغ للعمل الفكري والتأليف؛ فألَّف مجموعة كتب ضمن مشروع النهضة: سلسلة أدوات القادة.
من مؤلفاته: «التراث وإشكالياته الكبرى: نحو وعي جديد بأزمتنا الحضارية»، و«النسق القرآني ومشروع الإنسان: قراءة قيمية راشدة»، و«أزمة التنظيمات الإسلامية: الإخوان نموذجًا»، و«حيرة سؤال القدر»، و«من الصحوة إلى اليقظة: استراتيجية الإدراك للحراك».