من سد الثغور إلى بدايات التغيير
من سد الثغور إلى بدايات التغيير
التدين جوهره تنمية الشعور بالمسؤولية الفردية تجاه النفس والمجتمع، ويتمثَّل في صورٍ عديدة منها الضمير الداخلي والسلوكيات الخارجية والالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه، كل تلك المشاعر والأساليب تنشأ تلقائيًّا لدى المسلم بفعل الإسلام لأنه دائم الحث عليها، ولما كانت الإدارة لا تتطلَّب مجرد الرغبة فقط كان لِزامًا أن تكون الموهبة في كيفية مواجهة المشكلات والتغلب على الصعاب أمرًا ضروريًّا، لذلك قال النَّبيُّ ﷺ لمن سأله عن متى الساعة: «إذا وُسِّدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».
لذا فإن المدير الموهوب الراغب في الإدارة لا شك أن إدارته منتجة منجزة أكثر من الراغب فقط، فحينما لا يتم اختيار الأشخاص المناسبين لسد الثغور المهمة في المجتمع في الإدارة والعلم والمعرفة والبحث وغيرهم، تكون أدوات مساعدة بشدة لانحدار المجتمع وسقوطه في غياهب فساد الذمم والجهل والفوضى، كل ذلك يكون بسبب نقص الوعي بأهمية المسؤولية الشخصية.
ومن هنا يجب الاهتمام بدور القراءة والاطلاع وتجميع العلوم والمعارف وتمكين ذوي الهمم العالية في الثغور المناسبة هو البداية لإصلاح ما أفسده الآخرون وبداية الارتقاء بعد الانحدار. ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، وهذا التغيير غير محدود باتجاه معين، بل هو تغيير شامل للأخلاق الذميمة بالحسنة وتغيير في الأقوال والأفعال وتغيير المستوى الفكري من التفكير الفردي الى التفكير الاجتماعي.
إن مشاهدة الحضارات الغربية وتقدمها أثبتت أن رأس المال الحقيقي هو المبادئ والأخلاق وليست الأراضي والعقارات لأن التقدم المادي محدود والتقدم الروحي العقلي لا سور يحدُّه، بل إن ارتقاء العقل والروح من منظور إسلامي عن طريق الإيمان بالله حق الإيمان وباستقرار عقيدة التوحيد داخل المسلمين تسهم بالكثير والكثير في تحقيق ذلك التقدم المادي وكأن هذه نافذةٌ لذلك.
ولن يغير القوم ما بهم إلا حينما يدركون أنهم في حاجة إلى تغيير، ويبدأ ذلك بالاعتراف بوجود المشكلات السلوكية والاجتماعية والدينية وعدم السماح لمشاعر الكِبر بالتخلُّل إلى نفوسهم فمتى عرفوا المشكلة وأحسُّوا بها، تنبهوا إلى ضرورة التغيير لأن أمة (اقرأ) لن تتغير إلا إذا راجعت نفسها ورجعت كما وصفها الله (عز وجل).
الفكرة من كتاب محاصرة الشرور
يتناول الكاتب الشرور التي تحاصر المجتمع الإسلامي وتهدِّد ذاته وهوية أبنائه، وما فعلته الحضارة الغربية المادية بعقول المسلمين ويفصِّل الكاتب آثار تلك الحضارة في العالم الإسلامي اليوم، ويذكر ما يناسبنا وما لا يناسبنا ويرسم حلولًا لكل مواجهة من المواجهات التي يتعرَّض لها المجتمع، كما يولي التربية والتنشئة السليمة اهتمامًا شديدًا كمحور أساسي لأي تغيير.
مؤلف كتاب محاصرة الشرور
عبد الكريم بكار: مؤلف سوري، حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، تركَّزت مسيرته على تدريس اللغويات ومشتقاتها من أصوات لغوية ولهجات عربية ونحو وصرف وقراءات قرآنية.
يعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، ويسعى إلى تقديم طرح جديد لمختلف القضايا ذات العلاقة بالحضارة الإسلامية وقضايا النهضة والعمل الدعوي، ومن أشهر كتبه: “مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”فصول في التفكير الموضوعي”.