من روما إلى حضارات آسيا
من روما إلى حضارات آسيا
في روما القديمة، سارت الأسطورة بجانب الترفيه، واهتم الملوك مثل: ماركوس أورليوس ويوليوس قيصر بكليهما، فحشود الكولوسيوم تريد أن تستمتع وترى ملوكها يكرّمون العدائين الفائزين باسم الآلهة، ودعمت النصوص اليهودية مكانة الركض والقوة البدنية التي استمرت حتى أصبحت المسيحية الديانة الرسمية لروما، وعندما استقرت للكهنة السيطرة على مفاصلها، حظروا عديدًا من الأنشطة الرياضية وعلى رأسها الجري لارتباطه بالآلهة الوثنية القديمة وتعظيمه لمكانة الجسد، وعكس ذلك اتجاه النصوص المسيحية إلى ازدرائه مقابل مكانة الروح.
أما في الحضارة الصينية فكان الركض وسيلة لتمييز الجنود الأقوى، واختيار أكثرهم قدرة على تحمل الظروف الصعبة، وعُقد ماراثون طويل بمسافة 26 ميلًا، تكريمًا لأسطورة العداء كُوافو، الذي قيل إنه ركض بلا توقف محاوًلا الوصول إلى الشمس من أجل تثبيتها، لكنه مات من شدة الإعياء، ولكن الأغرب ينتظرنا في الهند القديمة، حيث كانت تقام السباقات بين الرجال والفيلة لرفع مكانة القبيلة والملوك، والاقتداء ببوذا وكِْريشْنَا في الاهتمام بالركض.
ولكن لم يُصعِّب أحد الجري مثلما فعل رهبان هضبة التُّبَّت واليابان، فقد اتخذوه وسيلة قاسية للتطهير، وأحيط بطقوس مقدسة، مثل: التدريبات الشاقة والصعبة، والصيام لمدة تسعة أيام متواصلة، كان يموت خلالها عديد من الرهبان، ومن ينجو بعدها تتغير نظرته إلى الحياة بعدما عاد من حافَة الموت، وأحيانًا يكرر بعضهم التجربة، منحتهم تلك الطقوس والتدريبات قدرات بدنية وإمكانيات جبارة، سمحت لهم بالركض لمسافات كبيرة تصل إلى 35 ميلًا يوميًّا، ولمدة مئة يوم متتالية، مما أكسبهم سمعة ذات صيت في أعين السياح والمهتمين بالثقافات الآسيوية.
الفكرة من كتاب الجري: تاريخ غير تقليدي
متى بدأ الإنسان في الجري؟ لا توجد إجابة أكيدة، فالجري قديم قدم الإنسان نفسه، ولم ينحصر في حضارة دون أخرى، فلقد ركض الفراعنة والسومريون، وتسابق العداؤون اليونانيون في الساحات الأولمبية، حتى أوربا وآسيا لم تسلما من عدوى الركض.
سَنَجُوب قارات العالم القديم والحديث لنسمع الحكايات الشعبية عن الركض، ونكتشف الأساطير المرتبطة به، ونفهم لماذا قدس القدماء الجري، ونعلم كيف أضفت جميع الثقافات لمستها الخاصة على الجري، وماذا مثّل لهم، وما المراحل التي مر بها حتى أصبح وسيلة لكسب المال، ومدى إمكانية أن يغيّر الجري من حياتك.
مؤلف كتاب الجري: تاريخ غير تقليدي
ثور جوتاس: هو مؤرخ فلكلوري نرويجي، ولد في برومندال عام 1965م، يعمل محررًا رياضيًّا ومعلقًا للأحداث الرياضية على التلفزيون النرويجي، وقد شارك أيضًا في عديد من الفاعليات الرياضية الكبرى حول العالم، بالإضافة إلى أنه ألقى المئات من المحاضرات على مدى السنوات العشرة الماضية في عديد من السياقات المختلفة، كما أنه أعطى صوتًا لأحد عشر مسلسلًا إذاعيًّا حول مواد كتابه الخاصة.
ويعد ثور جوتاس من أهم الكتاب في مجال الركض، وله تأثير كبير في المجتمع الرياضي النرويجي والعالمي، وقد ألَّف عديدًا من الكتب التي تناولت تاريخ الركض منذ أيام الإغريق القدماء حتى العصر الحديث، ومن أشهر كتبه:
Magnus
Brødrene kvalheim – to løperliv
Taterne – livskampen og eventyre
معلومات عن المترجمة:
نادين الخطيب: مترجمة ورسامة سورية، ولدت في دمشق عام 1977م، حصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة دمشق، ثم درست الترجمة في جامعة البعث في حمص، وعملت مترجمة للغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وأيضًا رسامة للكاريكاتير والرسوم المصورة، قدّمت أعمالها في معارض فنية دولية، وحصلت على جوائز عديدة عن أعمالها الفنية، ومن الأعمال التي شاركت في رسمها: بعض أعمال سلسلة صديقي شوشو.