من المروءة إلى الإمعية
من المروءة إلى الإمعية
يصف المؤلف هنا حال الشخص الذي يسهل أن يحصل له تحولات وتقلبات فكرية؛ فهو شخص لا يستطيع اتخاذ القرار المناسب، فاقد للرأي وللعزيمة، إمعة يتأثر بسهولة بأي تيار فكري قوي وناجح، ويسير خلف أي ظواهر سلوكية مشهورة، ومستلب يسيطر عليه مَن هو أقوى منه، هذا السلوك الذي يقوم على التقليد والاتباع سببه ليس فقط الشهوات، بل أيضًا الشبهات.
كيف يصبح الشخص إمعة؟ يرى المؤلف أن الشخص يصبح إمعةً نتيجة التعرض لمدخلات الإعلام والعولمة التي أعادت تشكيل هويته وفق مصالحها؛ فالمؤسسات الإعلامية والشركات الكبرى، بل وحتى المؤسسات الأكاديمية تظل تعمل على تحطيم عناصر الممانعة لدى الإنسان حتى يصبح فاقدًا للهوية فتوجهه كما تشاء.
لذلك يرى المؤلف أن غياب المروءة هو الذي سمح بانتشار الإمعية بين الناس؛ فالبيئة البسيطة قبل الثورة الإعلامية كانت تسودها المروءات، وكان ينتشر فيها إكرام الضيف وإحسان الجار إلى جاره وغيره من المروءات، لكن البيئة الجديدة المعقدة غيَّبت هذه المروءات وفتحت الباب واسعًا أمام الإمعية والتبعية، ولكي نواجه هذه الإمعية التي انتشرت بين الناس حتى المتعلمين والمثقفين منهم نحتاج إلى إعادة إحياء المروءة في المجتمع، والمروءة هي مراعاة النفس على أفضل أحوالها لكيلا يظهر منها شيء قبيح بغير قصد ولا يتوجَّه إليها أحد بذم كما قال الماوردي، فالنفس الشريفة تطلب الآداب والفضائل وتسعى للتلبُّس بها، ومن شروط المروءة لكي يحقِّقها الإنسان في نفسه: العفَّة عن المحارم كالكذب أو الغيبة أو النميمة، والنزاهة عن المطامع التي تذلُّ صاحبها، وصيانة النفس عن تحمُّل المنن من الناس لأن المِنّة تُحدث ذلة في الممنون عليه، وأيضًا البعد عن الأعمال الدنيئة التي تقلِّل من قدر صاحبها ومروءته، أما شروط المروءة التي يحققها الإنسان مع غيره فهي: مؤازرة الآخرين وإسعافهم وقت الحاجة، والعفو عن الهفوات غير المقصودة فلا أحد معصوم من الخطأ والسهو، ومسامحة الآخرين في حقوقه.
الفكرة من كتاب التحولات الفكرية
في كتابه “التحولات الفكرية”، يحاول المؤلف إلقاء الضوء على ظاهرة بدأت تكثر في الآونة الأخيرة وهي التحولات والتغيرات العنيفة التي تحصل لأهل العلم والفكر بعدما تقع لهم هزات وأحداث عنيفة يكون لها مردودها على أفكارهم وتوجُّهاتهم، فيقوم المؤلف بشرح هذه الظاهرة باستفاضة، ثم يحاول تبيين أسبابها، كما يقوم بعرض أبرز التقلبات الفكرية التي يمكن ملاحظتها على الساحة في السنوات الأخيرة.
مؤلف كتاب التحولات الفكرية
الدكتور حسن بن محمد الأسمري: أستاذ مشارك بكلية الشريعة وأصول الدين، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، بجامعة الملك خالد في أبها.
من أشهر مؤلفاته: “النظريات العلمية الحديثة: مسيرتها الفكرية وأسلوب التفكير التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية”، و”الفلسفة والنص”.