من المثقف؟
من المثقف؟
المثقف اصطلاحًا هو أي فرد يقوم بعملٍ عقلي في أغلبه كالسياسيين وأساتذة الجامعات والمهندسين والأطباء، وتلك الطبقة يَعتمد أغلب عملها على التفكير وإعمال العقل، وجزء قليل فقط من عملهم يعتمد على الجانب البدني كالكتابة مثلًا، وبذلك يعدُّهم الكاتب من طبقة أهل الفكر ولا يطلق عليهم لفظ “مفكرين”، لأن تلك الصفة مقيِّدة لفكر إنسانٍ ما في ما يلمسه من مشكلات اجتماعية أو اقتصادية، فليس كل أستاذ جامعة مثقفًا مفكرًا، لأنه قد لا تشغله قضايا مجتمعه ويتعامل مع وظيفته أنها مجرد وظيفة لها مواعيد حضور وانصراف وجودة أداء وهذا النوع لا يقصده الكاتب، ولكي يتم الوصف بصورة أكثر دقة وجد الكاتب أن معنى المثقَّف يقابل في اللغة الفرنسية كلمة “مستنير”، وهو الإنسان ذو الرؤية الواضحة والأفق الواسع ولا يتقيَّد بعادات أو تقاليد، وهو دائم الحركة والسعي.
إن أول ظهور لطائفة المثقفين كان في نهاية القرن السابع عشر في أوروبا، ثم انتشرت خارج أوروبا في القرن التاسع عشر، حيث انتشر مفهوم تلك الطبقة انتشارًا واسعًا في المجتمعات الأفريقية والآسيوية بما فيها من عرب ومسلمين، وحينما حدث ذلك الانتشار نشأت معه إشكالية جديدة تخصُّ الأصالة، لأن الطبقة التي نشأت في أوروبا أُطلق عليها “المثقف الأصيل”، وعندما انتشرت أصبحت الطبقات الجديدة تقليدًا كاملًا لصورة المثقف الأوروبي وهيئته فأُطلق عليهم “المثقف المقلِّد”، ولعلَّ ذلك نتيجة أن المثقف الأصيل نشأ في أوروبا استجابةً لظروفٍ اجتماعية عانى بسببها لقرون طويلة تسلُّطَ الكنيسة الكاثوليكية، لذا فظهور هذه الطبقة خضع لمؤثرات مجتمعه الخاصة التاريخية والاجتماعية، أما المثقف المقلِّد فأصبح يقلِّد المثقف الأصيل بالكامل، وصارت عملية قراءة فكر المثقف المقلِّد تستلزم معرفة تحليلية لمن يقلِّده حتى تحكم عليه وعلى دوره حكمًا صادقًا.
لكن يظل هناك سؤال: لماذا لا يُعد من وُجِدوا قبل القرن السابع عشر في أوروبا مفكرين ومثقفين؟
الإجابة تكمن في ماهية المراد الخاص بذلك اللفظ وليس في عموم إطلاقه، والمراد الخاص منه هو الطبقة التي قامت ضد جمود العصور الوسطى وسكونها، حيث تعلَّموا في غير مدارس الكنيسة واشتغلوا في العلوم الطبيعية والهندسية والكيميائية بما يتنافى مع الحكم الكنسي، وتضخَّمت تلك الطبقة وتوغَّلت في أعماق المجتمع الأوروبي وتمكَّنوا ونالوا حريتهم المقيدة قبل ذلك الوقت كما كان معروفًا عن طريق تعامل الكنيسة مع العلماء، وتدريجيًّا من القرن السابع عشر وما بعده أصبح لتلك الطبقة السيادة على أوروبا إلى أن تمكَّنت من التحكُّم في العالم كله اليوم.
الفكرة من كتاب مسؤولية المثقف
“إن مسؤولية المثقف في زمانه هي القيام بالنبوة في مجتمعه حين لا يكون نبي”.. هكذا يصف الكاتب دور المثقف في مجتمعه، وأنه مُحمَّل برسالة ثقيلة تجاه مجتمعه عليه أن يؤديها بصدقٍ وإخلاص، ويُعرِّف ماهية المثقف ثم يشرح تاريخيًّا واجتماعيًّا كيف انتقل ذلك المفهوم من الغرب إلى الشرق وكيف استقبلناه؟ مبينًا مسئولية المثقف الأساسية ومفسرًا شكل العلاقة بين المثقف والمجتمع والخصائص اللازمة لنجاحه في التأثير والتغيير.
مؤلف كتاب مسؤولية المثقف
علي شريعتي Ali Shariati: مفكر إيراني إسلامي، ولد عام ١٩٣٣، في مدينة خُراسان، وتُوفِّي عام ١٩٧٧، تخرج في كلية الآداب وذهب في بعثة إلى فرنسا في عام ١٩٥٩ لدراسة علمي الأديان والاجتماع ليحصل على شهادتي دكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع، عمل سياسيًّا ومترجمًا وعالم اجتماع وفيلسوفًا ومفكرًا.
له مؤلفات عديدة؛ أهمها:
دين ضد الدين.
العودة إلى الذات.
النباهة والاستحمار.
الإسلام ومدارس الغرب.