من الاستبدادية إلى التساهل المفرط في التربية
من الاستبدادية إلى التساهل المفرط في التربية
كثير من الآباء في العصر الحالي ليس لديهم أي معرفة عن تربية الأطفال، لكن يتفقون على شيء واحد وهو: “لن أرتكب الأغلاط نفسها التي ارتكبها أهلي معي”، أصبح هذا التصريح هو شعار من عانوا من النظام الاستبدادي في التربية، وقرَّروا ألا يعاملوا أطفالهم كما تمَّت معاملتهم، ولذلك اتخذوا طريقًا جديدًا، وهو طريق التساهل في التربية، فانتقلوا من تطرُّف إلى تطرُّف آخر، وإذا كنت أيها القارئ لديك شك فيما يعنيه التساهل، فليس عليك إلا أن تراقب كيف يتعامل الأهل مع أبنائهم، هم في الحقيقة موجودون جسديًّا مع أطفالهم، لكن غائبون عنهم عاطفيًّا، ينظرون دون أن يروا، فترتَّب على ذلك اقتحام الأطفال عالم الكبار، فيما يُعرف (بالاتحاد والاندماج)، إذ يتم توحُّد كل شيء، فيما يشبه العولمة، فتم إلغاء الفروقات التي تفصل بين عالم الراشدين وعالم الأطفال!
إن إزالة الفوراق بين عالم الكبار وعالم الأطفال له تبعات خطيرة على الطفل، إذ نتجاهل عدم خبرته التي تتطلَّب نضجًا لم يحقِّقه بعد! لذلك لا تعجب أو تندهش عندما تجد أهلًا مصدومين ويشكون من أن الأولاد يشاهدون البرامج الخاصة بالراشدين، ويجلسون على الكمبيوتر يشاهدون الأفلام المخصَّصة للكبار أو الأفلام الإباحية، ومن ثمَّ يجب علينا أن ندرك أنه عندما نعامل الطفل كراشد، فإننا لا نجعله راشدًا، بل فقط قمنا بتشويه طفولته عن طريق قتل البراءة فيه!
إن أحد الأشياء التي يجهلها الأهل، أن الذكاء لا يعني النضج لأن النضج هو نتاج الخبرة الحاصلة من الربط بين السبب والنتيجة، فلا ينبغي أن نخلط بين الذكاء والنضج، لأن الطفل لا يفهم ما يقوم به في الحاضر وآثاره في المستقبل، الطفل يعيش في الحاضر فقط، وليس لديه فكرة عن المستقبل، بناءً على ذلك فالراشد وحده هو القادر على التنبؤ بالمخاطر التي يتعرَّض لها الطفل أو المراهق، إذ لا ينبغي الإصرار على معاملة الطفل أو المراهق كراشد، تاركين له فعل ما يريد، ونقول: “سيعرف عاقبة أمره، وسيتعلَّم”، بل لا ينبغي أن ندع الطفل يتبع هواه غير مبالين أو متحمِّلين للمسؤولية.
جاء في إحدى المرَّات أب قلق للغاية، إذ يقول: “استمعت لتقرير يتحدَّث عن الإساءة الجنسية للأطفال، فأردت أن أحمي ابني صاحب السنوات الخمس وشرحت له الأمر، وأخبرته ماذا يفعل إن تعرَّض للإساءة، ومنذ ذلك الحين والطفل خائف وقلق ولا يبتعد عني نهائيًّا”، فإن الذي فعله هذا الأب هو القيام بقتل براءة الطفل، وتمزيق روحه!
الفكرة من كتاب هل نربي أولادنا أم نفسدهم؟
تبين الكاتبة في هذا الكتاب الآثار السلبية والإيجابية لكلٍّ من نظامي التربية المتبعين، وهما النظام الاستبدادي في التربية، والنظام المتساهل في التربية، وتبين أن كلا النظامين أضرارهما أكثر من نفعهما، وتوضح أنه لا بد من نقطة وسط بين النظامين تقوم على الاستفادة من الآثار الإيجابية في كلا النظامين.
مؤلف كتاب هل نربي أولادنا أم نفسدهم؟
روزا باروسيو: هي دكتورة متخصِّصة في العلاقات الإنسانية والتربية، ومدربة ومحاضرة في العديد من الدول منها: الولايات المتحدة والمكسيك وأوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا، لديها 30 سنة من الخبرة في مجال تربية الأولاد وتوجيه العائلات.
معلومات عن المترجمة:
آمال الأتات: كاتبة ومذيعة ومترجمة.
من مؤلفاتها:
العلاجات الطبيعية للحرقة ولارتداد أسيد المعدة.
أهم 365 نصيحة تحتاجها كل امرأة.
ومن ترجماتها:
أنقذوا الطفل في داخلكم.
اعمل أقل تنجح أكثر! الكسل هو سر النجاح.
هل نربي أولادنا أم نفسدهم؟