من الإنسان الصيّاد إلى الإنسان العامل في المصنع
من الإنسان الصيّاد إلى الإنسان العامل في المصنع
أدى تطور المجتمعات البشرية خلال القرون الأخيرة إلى انتقال أماكن العمل من الحقول والمنازل إلى المتاجر والمصانع والشركات وغيرها، كما تغيَّر الروتين اليومي للعمل، وحتّى ساعات العمل تغيرت أيضًا، وشمل التغيير كذلك الأفكار والأعراف والتقاليد الخاصة بالعمل، ويعتقد كثير من الناس أن الإنسان الزراعي، والإنسان الراعي، و”الإنسان الصيَّاد” الذي كان يعمل في صيد الحيوانات لتوفير المأكل، كانوا يعملون لأوقات طويلة بجهد أكبر قبل العصر الصناعي وشيوع التقنية، وهذا اعتقاد خطأ، إذ لم توجد في العالم ما قبل الصناعي موارد رزق خارج الحاجات الضرورية من طعام وشراب،
ومن ثمَّ تمكنوا من تلبية حاجاتهم الضرورية بكل سهولة وبجهد أقل ودون العمل لأوقات طويلة، وبِناءً على ذلك فإن الإنسان ما قبل الصناعي كان يعمل أقل مما نعمل اليوم، وكان لديه وقت كافٍ للنوم، ووقت فراغ لفعل أشياء أخرى غير العمل، ففي إحدى الدراسات ثبت أن الإنسان ما قبل الصناعي كان يعمل ما بين أربع إلى خمس ساعات في اليوم، وكان يتوقف عن العمل عندما يتوافر لديه ما يكفيه، فأدى ذلك إلى وفرة في الوقت الذي كان يقضيه كيفما يشاء.
لكن إذا نظرنا إلى الإنسان المعاصر ما بعد الصناعي، فإنه على الرغم من أن التقنيات الحديثة قد وفرت له الوقت ومكّنته من زيادة الإنتاج بجهد أقل، فإننا في الواقع نجد حالة من عدم التوازن بين العمل ووقت الفراغ، والسبب في ذلك راجع إلى أن الإنسان المعاصر استخدم الوقت والجهد الذي وفرته التقنيات الحديثة في مزيد ومزيد من الإنتاج، فكانت النتيجة أن أوقات العمل أصبحت أطول، وأصبح الإنسان مطالبًا كل يوم ببذل جهد أكبر، والعمل لفترات أطول من ذي قبل، لأن خفض وقت العمل وقلة الإنتاج تعتبر لعنة بالنسبة إلى الرأسمالية المضطرة إلى النمو دائمًا للحفاظ على وجودها!
الفكرة من كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
يُلقي الكتاب نظرة عامة وشاملة على وقت العمل في الماضي والحاضر، وتطور وقت العمل حتى وصل إلى وضعه الحالي، كما يُبين نضال العمال خصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تقليل أيام العمل وساعاته، فكثير من الناس كانوا وما زالوا يعانون ويشتكون من العمل لساعات طويلة تستغرق معظم يومهم مقابل أجر زهيد لا يكفي احتياجاتهم كما أنه يتعارض مع مسؤولياتهم تجاه أسرهم، ويوضح الكتاب أيضًا أن هناك عديدًا من الخيارات التي يتخذها العمّال بإرادتهم أو رغمًا عنهم تؤثر في العَلاقة بين العمل والحياة، كالعمل بدوام جزئي أو العمل المؤقت، ويبين تأثير تلك الأعمال في الحياة الشخصية للعمّال.
مؤلف كتاب وقت العمل.. الصراع والضبط والتغيير
سينثيا ل. نيغري: أستاذة مشاركة تدرِّس علم الاجتماع في جامعة لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية.
معلومات عن المترجمة:
ابتسام بن خضراء: مترجمة مغربية ذات أصل فلسطيني، حصلت على إجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة دمشق، ونالت درجة الدكتوراه، وتخصصت في الترجمة بعد التحاقها بالجامعة الأمريكية في القاهرة، من ترجماتها:
السيرة هيرمايوني لي.
المكتبة العامة وقصص أخرى.
كوكب في حصاة.
سباق مع الرياح.