من الأسرة إلى الأمة
من الأسرة إلى الأمة
إن القضاء على مؤسسة الأسرة كان هدفًا مشتركًا بين الأيديولوجية الشيوعية والأيديولوجية الرأسمالية الغربية على مدار القرن العشرين، ورغم اختلاف الوسائل، فإن النتيجة كانت واحدة في النهاية، وهو ما نراه اليوم في عالمنا المعاصر: تفسَّخت منظومة الأسرة وتفشَّت الفردانية وضعُف التواصل بين الأجيال.
تنفرد مجتمعات العالم الإسلامي -حتى الآن- بمكانة كريمة للأسرة باعتبارها نواة المجتمع الأولى، وتستند هذه المكانة بالأساس على الأوامر والنظم التي أتى بها التوحيد حيث أوْلَى الإسلام عناية تشريعية بالغة بالزواج، يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، وبيَّن التفاصيل التي تحكم علاقة الرجل بزوجته قبل وأثناء الزواج؛ فأمر الرجل بالإحسان إلى زوجته وإعالتها، وأمر المرأة بطاعة زوجها، وإذا قُدِّر للزواج أن ينتهي بالطلاق فبيَّن الإسلام الأحكام التي تكفل للرجل والمرأة حقَّهما، أو أن ينتهي بالموت فبيَّن أحكام الميراث، إلى غير ذلك من التفاصيل الدقيقة التي لا نكاد نجدها في باب من أبواب المعاملات الأخرى.
قدَّر الله للبشر أن يتكاثروا ويعيشوا معًا، ومن ثَمَّ يستمر النوع الإنساني الذي يحمل أمانة التوحيد وعمارة الأرض في ظل نظام اجتماعي مستقر ومتماسك، تكون الأسرة فيه هي حلقة الوصل بين الإنسان الفرد والأمة الممتدة التي تضم كل المسلمين بلا اعتبار للون أو الجنس أو القبيلة، والأسرة في المفهوم الإسلامي هي الأسرة الممتدة التي تتكوَّن في الأغلب من ثلاثة أجيال توفِّر لمن ينشأ فيها كل سبل الرعاية، وتضمن انتقال الثقافة المتوارثة عبر الأجيال المختلفة، وتعلِّمه قيم التضحية والوفاء والانتماء، ومن ثَمَّ يكون جاهزًا للانخراط في الأمة بمفهومها الواسع وأداء أمانة التوحيد.
الفكرة من كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
أتى الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله مركزيَّةً في آخر ديانة سماوية منزَّلة، لتشكِّل رؤية خاصة للكون وبوصلة للإنسان تعينه على المهمة التي عليه أن يقوم بها، ولتغيِّر حركة التاريخ نحو الوجهة الصحيحة الأخيرة التي يريدها الله (عز وجل).
يحلِّل الكاتب من ثلاث عشرة زاوية تفرُّدَ التوحيد الإسلامي وسمو المبادئ النابعة منه على جميع الرؤى والأفكار الكبرى الأخرى، كيف نستفيد من التوحيد لمعرفة دورنا التاريخي وإرساء المبادئ الأخلاقية وبناء الأسرة والمجتمع، والنظام الاقتصادي والفن والجمال؟
مؤلف كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
إسماعيل راجي الفاروقي: باحث ومفكر فلسطيني متخصِّص في الأديان المقارنَة، ومن مؤسسي مشروع إسلامية المعرفة، انتُخِب كأول رئيس للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، له عدة مؤلفات أشهرها “أسلمة المعرفة: المبادئ العامة وخطة العمل”، “أطلس الحضارة الإسلامية”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد عمر: أستاذ النظرية السياسية الإسلامية بجامعة حلوان ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة العلوم التطبيقية بالبحرين.