من أين نبدأ؟
من أين نبدأ؟
إن الدراسة أشبه بحربٍ على الكسل وهوى النفسِ، وفيها أهداف يسعى المرء إلى تحقيقها، ولا سبيل لتحقيق تلك الأهداف أو الفوز في هذه المعركة إلا بخطةٍ محكمة تتمثل في برنامج منظم، ولعلك تتساءل من أين آتي بالبرنامج الأمثل؟ والجواب أنه لا يمكن أن يضع هذا البرنامج سواك، بناءً على معرفتك بقدراتك وظروفك وحاجاتك. ولعل أول خطوةٍ تعينك على ذلك هي أن تتبع بدقةٍ وأمانة فيم يمضي وقتك كل يوم، فتكتب أمام كل ساعة من ساعات اليوم ما أنفقتها فيها، وعلى الأغلب ستجد نتيجة تعجب منها وتحزن في آنٍ واحد! ولكنها ستكون دافعًا للحرص على وقتك وتنظيمه لئلا يذهب سُدًى.
ولكي يكون برنامجك فعَّالًا فلا بد أن تخصص لكل لحظةٍ من يومك عملًا، وأن تكون أوقات الراحة والنوم والأكل والدراسة مُدوَّنة محددة، والبرنامج المحكم لن يقيدك بل سيمنحك فرصة للاستمتاع بالأنشطة المختلفة. ويذكر الكتاب أن أمثل الطرق لبناء البرنامج هو أن نخططه على أساس الأسبوع، ونبدأ في خطتنا بتدوين الأعمال ذات المواعيد الثابتة كالصلاةِ والنوم ووقت الدراسة في المدرسة أو الجامعة، ثمَّ نُقسم الوقت المتبقي على المواد التي نريد دراستها وغيرها من المهام، كلُّ مادةٍ أو مهمة حسب ما تحتاج، فنخصص للمهمات الصعبة وقت النشاط والتركيز، ونجعل المهام المحببة واليسيرة ترويحًا بين مهمتين أو في نهاية اليوم، ونتبع التوزيع لا التجميع، فإن كان أحدنا يخطط لدراسة مادةٍ ما لأربع ساعات في الأسبوع فلا يجعلها في ليلة واحدة وإنما يقسمها على ثلاث ليالٍ مثلًا.
الفكرة من كتاب فن الدراسة
يُقبل العام الدراسي بما يحمله من آمال ومشكلات، ونتذكر أن للدراسة هدفين أساسيين، هما اكتساب قدر من المعرفةِ وقدر من المهارة العملية في مجالٍ ما، وإن مضينا فيها على نهجٍ سليم حققنا الهدف بيُسرٍ واستمتعنا، وإن سلكنا فيها طرقًا وعرة ملتوية بذلنا جهدًا كبيرًا وجنينا من الثمار القليل. وهذا الكتاب إنما يهدف إلى بيان النهج السليم الذي ينبغي لنا السير به في دراستنا.
فإن كنت تشكو قلة التحصيل مع كثرة الجلوس بين الكتب، أو تشكو النسيان أو الكسل أو الملل حين يتعلق الأمر بالدراسة، فرافقِنا في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب فن الدراسة
عبد الرحمن رأفت الباشا، كاتب وأديب سوري، ولد بإدلب عام 1920، ابتُعث إلى القاهرة وحصل على الشهادة العالية في كلية أصول الدّين في الأزهر عام 1945م، وشهادة اللّيسانس في الأدب العربي من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، ثم حصل على درجة الماجستير عام 1965م، ثم الدكتوراه في الجامعة نفسها عام 1967م. عمل في تدريس اللغة العربية في سوريا، وعُين كبيرًا لمفتشي اللغة العربية هناك ثم أستاذًا محاضرًا في كلية الآداب بجامعة دمشق، ثم درس في المعاهد العلمية السعودية، وفي كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان رئيس قسم البلاغة والنّقد ومنهج الأدب الإسلامي فيها، ومسؤولًا عن لجنة البحث والنشر في الجامعة. وقد اشتهر بحبه للغة العربية، وكان أحد مؤسسي رابطة الأدب الإسلامي العالمية. وتوفي عام 1986 في إسطنبول.
من مؤلفاته: صور من حياة الصحابة، وصور من حياة التابعين، والعدوان على العربية عدوان على الإسلام، ونحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، وفن الامتحان بين الطالب والمعلم، ورواية أرض البطولات.