من أين جئت؟
من أين جئت؟
من الطرق الجيدة للتمهيد للطفل عن التزاوج والإنجاب أن نحضر عصفورين إلى البيت يربيهما الطفل ويتعلم من خلالهما، ومن المفيد أن تقص الأم على ابنها قصة آدم (عليه السلام) وبداية الخلق، وكيف خلق الله حواء منه لتؤنسه وتشاركه، ثم رزقهما أبناء ليعمروا الأرض، وخلق فيهم أعضاء وأجهزة تساعدهم على البقاء ليصطادوا ويأكلوا، ولكن حتى يتكاثروا ينبغي أن يتم ذلك من خلال الذكر والأنثى معًا، لأن الجهاز المسؤول عن ذلك نصفه في جسد الرجل، ونصفه الآخر في جسد المرأة.
بعد أن يفهم الطفل الأجهزة المختلفة في جسده عن الجنس الآخر، نخبره أن الله منح الأم مكانًا أسفل بطنها يكون مسكنًا للطفل، بينما يقدِّم الأب خلية أو جزءًا صغيرًا منه يلتقي خلية من الأم فيمتزجان معًا ويكبران في بطن الأم حتى يخرج منها، في المرحلة التالية إذا استمر الطفل بالسؤال عن كيفية وصول الخلية من أبيه إلى أمه، نجيب أنها تنتقل من خلال العضو الذكري للأب إلى العضو التناسلي للأم، وأن ذلك يحدث عندما يحب الرجل المرأة فيتزوَّجها ويرغب في أن ينجب منها طفلًا فيتقرَّب كلاهما من الآخر جسدًا.
يُراعى التدرج مع عمر الطفل، ففي عمر 3 سنوات نعلمه الاختلاف بين جسم الذكر والأنثى، وفي عمر ست سنوات: يكون لديه الفضول لمعرفة من أين أتى، ويكفي أن يقال له إنه هدية من الله وأنه ينمو في بطن الأم، وتزيد الإجابات بحسب تصوُّرات الطفل نفسه، فإذا سأل من أين يخرج؟ يتم سؤاله من أين يظن أنه يخرج؟ والسماع منه ثم تصويب ما يقول بشكل مبسَّط، عند عمر تسع سنوات: نبدأ بمساعدة الطفل للاستعداد للبلوغ، ومن عمر أحد عشر سنة فأكثر: نحدِّث الطفل عن العلاقة العاطفية والجنسية بين الرجل والمرأة عندما نشعر أنه مستعد نفسيًّا لذلك، وبالاستعانة برسومات علمية لجسد الرجل والمرأة، ويجب ذكر مشاعر الحب ورابطة الزواج وتكوين الأسرة، ليصبح تصوُّر الطفل سويًُّا وطبيعيًّا عن الزواج والجنس، وأنها ليست عملية فسيولوجية فقط.
الفكرة من كتاب العيال كبرت.. التربية الجنسية للأبناء
تصوَّر أنهم يريدون من الآباء أن يتحدثوا مع أبنائهم عن الجنس، إننا في آخر الزمان، صحيح لقد مات الحياء في الناس، كثيرًا ما يكون هذا رد فعل الآباء عندما يحثُّهم المختصون على تثقيف أولادهم وتربيتهم جنسيًّا، وربما هم معذورون لاختلاف زمانهم عن زمن الانفتاح اليوم، ولظنهم أن التربية الجنسية تعني تعليم الأبناء ممارسته، وهذا غير صحيح بالطبع.
إن الثقافة الجنسية هي توعية الطفل حول مفاهيم كالرجولة والأنوثة، وطبيعة الرجل والأنثى وطريقة التعامل بينهما، وضبط تصوراته عن الزواج، وإعطاؤه معلومات علمية وطبية عن جسده وتركيب ووظيفة أعضائه التناسلية، والجانب الأكبر من تلك الثقافة يهدف إلى تكوين فهم وتوجه سليم لدى الطفل عن الجنس، والجانب المعرفي المتعلق بجسده يحميه من التحرش، ومن الانحرافات والمخاطر التي يسبِّبها الجهل، ويكون تأكيد الجانب الأخلاقي والنفسي وليس الجسدي.
مؤلف كتاب العيال كبرت.. التربية الجنسية للأبناء
الدكتورة سلوى أحمد زاهر: كاتبة، مهتمة بقضايا الأمومة ومجالات تربية الأطفال.
ومن مؤلفاتها: ” العيال كبرت.. التربية الجنسية للأبناء”.