من أين تأتي الأفكار؟
من أين تأتي الأفكار؟
عندما نحاول التركيز لمدة طويلة على حل مشكلة معينة أو إيجاد فكرة جديدة، فعادةً ما نفشل أو نسلك مسارًا مسدودًا، ولكننا حين نترك المشكلة جانبًا ونذهب للتمشية أو القيام بنشاط روتيني تقفز الأفكار إلى عقولنا! ذلك لأن عقلنا الباطن الذي يموج بالأفكار يبدأ العمل، وتستقبل عقولنا كثيرًا من الأفكار كل يوم، وتحتفظ بها في ملفاتٍ بعيدة حتى نحتاج إليها، ويؤثر كل ما نستقبله في طريقة تفكيرنا وفي تصرُّفاتنا اليومية، وأغلب الأفكار تولد من إعادة تركيب أفكار قديمة وربطها ومزجها بنسبٍ مختلفة، وما يميز المبدعين هو قدرتهم على ربط أفكارٍ لا علاقة لها معًا، ونادرًا ما تحدث عملية الربط وإعادة التركيب تلك بشكلٍ واعٍ، لذا تأتينا الأفكار ونحن مشغولون بنشاطٍ بعيد عن المشكلة أو حين لا نفعل أي شيء، بل تأتينا الأفكار العظيمة حين نصبر وننتظر، ولكننا إن بقينا مشتَّتين بين الأجهزة الرقمية فلن يكون لدينا وقت لذلك الانتظار، وسنتلقَّى معلوماتٍ أكثر مما يمكن لأدمغتنا استيعابه فتتوقَّف عن التفكير، لذا يُعد إطفاء الأجهزة لبعض الوقت وسيلةً لزيادة الإنتاجية الذهنية، وكذلك النوم جيدًا لأنه ضروري جدًّا لذاكرتنا ولابتكار أفكارٍ جديدة، والسعادة وسيلة فعَّالة أيضًا لأن تفكيرنا يتأثر بمشاعرنا بشكلٍ مباشر.
ويختلف تفكيرنا عن الآلات، فالآلات لا تعي أنها تفكر، وهي مبرمجة من أجل مهام محددة ولا تملك ذكاءً عامًّا، كما أنها لا تملك مشاعر ولا أخلاقيات، ولا تملك العقل الباطن الذي يلعب دورًا أكبر من العقل الواعي في التفكير، وتفكيرها ليس مرنًا ومتكيِّفًا كالبشر، وليست للآلات خصوصية ذهنية مثلنا، فنحن نعرف ما تفكر فيه، وإن كانت خصوصيتنا الذهنية مهدَّدة في هذا العصر؛ فمن يملك البيانات ربما يملك تفكيرنا! وهذه الاختلافات تعني أن المستقبل لن يكون للقدرة على اكتساب المعرفة التي تبرع فيها الآلات واسترجاعها، أو للتفكير المنطقي الذي تعتنقه المناهج التعليمية، بل سيكون للقدرة على ابتكار معرفةٍ جديدة وللذكاءات المتعددة والتفكير المتشعِّب العميق.
الفكرة من كتاب عقول المستقبل – كيف يغير العصر الرقمي عقولنا، ولماذا نكترث، وما الذي في وسعنا فعله؟
كيف يختلف جيل الشاشة عن الأجيال السابقة؟ وما الذي يمكننا فعله للحد من تأثير الشاشات في الجيل القادم؟ من أين تأتي الأفكار؟ وفي أي الأماكن يمكن أن نفكر أفضل؟ كيف نواجه تأثيرات العصر الرقمي في تفكيرنا؟ هذا ما سنعرفه في تلك السطور.
مؤلف كتاب عقول المستقبل – كيف يغير العصر الرقمي عقولنا، ولماذا نكترث، وما الذي في وسعنا فعله؟
ريتشارد واطسون : كاتب إنجليزي ومحاضر متخصص في الدراسات المستقبلية، يقدم استشارات ونصائح للهيئات الحكومية وغير الحكومية والشركات الكبرى مثل كوكاكولا وIBM وتويوتا، وهو مؤسس موقع What’s next، ومؤسس مساعد لمركز Strategy Insight .
من مؤلفاته كتاب “ملفات المستقبل” (Future files: A brief history of the next 50 years) الذي لاقى استحسانًا واسعًا، والذي يُعد كتاب “عقول المستقبل” (Future Minds) جزءًا ثانيًا له، وأيضًا كتاب “Digital Vs Human: how we’ll live, love and think in the future”.
معلومات عن المترجم:
عبد الحميد محمد دابوه: خبيرٌ تربوي ومترجم مصري، حاصل على ليسانس في الأدب الإنجليزي والتربية، وعلى دبلوم مهني في تدريب المعلم ولغة التواصل من جامعة ريدج في إنجلترا، وعمل في التدريس وفي ديوان عام وزارة التربية والتعليم المصرية حيث شارك في مشروعات مهمة لتطوير التعليم.
من أعماله: ترجمة كتاب “التعلم من أجل التنمية”، وكتاب “ملفَّات المستقبل”، كما شارك في ترجمة موسوعة الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق.