من أين الطريق؟
من أين الطريق؟
يبدأ طريق المسلمين من تراثهم المتمثل في الكتب والمعارف والعلوم الشرعية كالفقه والحديث وغيرهما، فذاك الإمام ابن القيم وحده قد تضمَّنَ إنتاجه الفكري في الإسلام ما كان أساسًا لنظريات غربية حديثة عدَّة نشأت في الأعوام المائة الماضية ومؤلفات ابن القيم ترجع إلى أكثر من خمسمائة عام منها نظرية المنفعة وحرية التعاقد، وهما نظريتان في علم الاقتصاد، وتغير الأحكام بتغير الأزمان كأساس لعلوم الاجتماع والسياسة، وأيضًا الإمام الشاطبي وما قاله عن استعمال الحقوق إذ قال: “إن أخذ الحق لو سبَّب ضررًا لآخر يأثم صاحبه”، وهو ما تنص عليه القوانين الوضعية في أوروبا.
كما رسم الفقهاء بتفسير القرآن الكريم وسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه شكل السياسة الشرعية الصحيحة وما ينصلح به الراعي والرعية، وما أكثر مؤلفاتهم في ذلك، فهناك الأحكام السلطانية للماوردي وإحياء علوم الدين للغزالي والسياسة الشرعية لابن تيمية.
لقد اتسمت السياسة الشرعية في وجهة النظر الإسلامية بإحداث توازن بين حقوق الفرد والجماعة كمنع الاحتكار، وضمان العدل والمساواة، والتشريع والقوانين وفقًا لمنهج إلهي ووحي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كما أن اختلاف المذاهب وتنوعها أضفى حركية كبيرة جدًّا، وحرية في التناسب مع ظروف الحياة المختلفة على عكس القوانين الوضعية الجامدة التي لم تكتفِ بعجزها عن تنظيم الحياة، بل بعضها أثَّر سلبًا في المجتمعات وأخلاقياتها، فبعضهم يتيح الخمر والبعض الآخر يشرِّع الزنا.
ويجب أن ينظم المجتمع الإسلامي علاقة الإنسان المسلم بماضيه (التاريخ) وعلاقته بما وراء الطبيعة (الغيبيات) وعلاقته بالآخرين (الزمان والبيئة)، فالغرب متى نجح في قطع الصلة بين المسلمين وماضيهم، دبَّت المشاعر الانهزامية بداخلهم واستحوذ الغرب على عقولهم وأسر قلوبهم.
ولا شك أن المستقبل القريب سيحمل البُشرى للمسلمين والشواهد كثيرة، وما عليهم الآن غير حمل المسؤولية على عاتقهم ووعيهم بما يُحاك لهم من مخططات ومؤامرات لأنه عاجلًا أم آجلًا ستضطرب كل النظريات الفكرية الغربية المعاصرة، وسيبحثون جميعهم عن حريتهم من القيود المادية التي أعجزتهم بصراع الأيديولوجيات الدائم وأزمات القنابل الذرية وفساد المجتمعات الغربية وانحلال الأسرة وزيادة نِسب الإدمان ونِسب الانتحار، وسوف يتطلع العالم إلى نظام جديد ثابت الأصول والقيم قادر على العطاء، وحينها ستنفجر الطاقات البشرية في المجتمع الإسلامي بثرواتها المادية والإنسانية إذا التزم المسلمون بتعاليم الإسلام الأولى من تربية على الإسلام، ونشر القيم الأخلاقية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الفكرة من كتاب كيف يحتفظ المسلمون بالذاتية الإسلامية في مواجهة أخطار الأمم
إن الأمة الإسلامية تواجه اليوم معركة تختلف عن كل المعارك الحربية التاريخية، ألا وهي معركة الذات الإسلامية، تدخلها الأمة مطالَبة بالحفاظ على ذاتها وهويَّتها التي تكونت في أربعة عشر قرنًا مضت..
يوضح المؤلف في هذا الكتاب كيف يتلاعب المجتمع الغربي والمستشرقون بالمجتمعات الإسلامية، ويستعرض خططهم ومؤامراتهم لتغريب المسلمين وجعلهم يتناسون الإسلام حتى ينسوه تمامًا، ويبين النماذج الغربية المصمَّمة من أجل ذلك سواء باستهداف الفكرٍ أو الثقافة أو التربية أو الوعي أو الصحافة والإعلام، ثم يرسم الكاتب خريطة طريق للنجاح في التغلب على تلك المواجهات الخادعة والحروب الفكرية المستميتة.
مؤلف كتاب كيف يحتفظ المسلمون بالذاتية الإسلامية في مواجهة أخطار الأمم
أنور الجندي: مفكر إسلامي مصري ولد بأسيوط ١٩١٧، حصل على جائزة الدولة التقديرية عام ١٩٦٠ وشارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية، وتوفي عام ٢٠٠٢ عن عمر يناهز الخمسة وثمانين عامًا.
له الكثير من المؤلفات الشهيرة في الفكر الإسلامي، منها:
الإسلام تاريخ وحضارة.
الإسلام في مواجهة الفكر الوافد.
الإسلام في غزوة جديدة للفكر الإنساني.