منهُ آياتٌ محكماتٌ هُنَّ أمُّ الكِتاب
منهُ آياتٌ محكماتٌ هُنَّ أمُّ الكِتاب
ورد في صحيح البخاري عن أبي سعيد المعلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له: “لَأُعلمَّنك سُورةً هي أعظمُ سُورة في القُرآن”، وهي سورة الفاتحة، تلك السورة التي مرَّت علينا أكثر من أي سورةٍ، إلا أننا لا نتوقَّف عندها ونتدبَّر هذه الآيات السبع متسائلين ما الذي يجعلها أعظم وحي أوحاه الله تعالى فعلًا؟
عند تأمُّل آيات الثلاث الأولى، نجدها قد أجمعت على الثناء على الله وتعظيمه بربوبيته للعالمين، ثم تعظيمه بعظيم رحمته وكماله، ثم تعظيمه بملكه لليوم الآخر، وحين يقولها المرء يجيب رب العالمين: “حَمَدني عَبدي”، “أَثْنى عليّ عَبدي”، “مَجّدني عَبدي”، وقد حملت “إِيَّاكَ نَعْبُدُ” أمرًا ثابتًا لا جدال فيه، وهو أن تتهاوى كل المألوهات من دون الله، وأنه لا يملك حق التشريع إلا الله، وأن لا يطاوع المرء هواه فيبلغ بطوعه تأليهه ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ”، ثم “وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ التي يُنبَّه بها المسلم أن العبادة لا تكون إلا بالاستعانة.
وحين ننتقل للنصف الثاني من أم الكتاب، يرد الله تعالى: “هذا لِعَبدي ولِعَبدي مَا سَأَل”، وقد اختار الله لنا أن نبدأ النصف الأخير بالدعاء بالهداية، فنعلم هنا أن الضلال أمرٌ وشيك وغير مستبعد، فكانت رحمته أن جعلنا ندعو بالهداية دائمًا حين نقرأ الفاتحة، وهنا ننتقل إلى جزء “الصراط المستقيم” الذي يؤكد أنه صراط واحد ليس به منعطفات، ثم يؤكد بالتجربة البشرية المعروفة ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾، أي الذين رأينا فيهم نعمتك وهدايتك لهم.
الفكرة من كتاب الطريق إلى القرآن
حين تمر أعوام المرء عليه يجد نفسه قد تعلَّق بالدنيا وغفل عن كل أساسٍ بناه الإسلام والقرآن، قد يُصلِّي ويقوم بعباداته ولكن دون الخيط الذي خُصِّص هذا الكتاب بأكمله لأجله، وهو أن كل شيء وكل حدثٍ مرتبط بالله (عز وجل)، وقد لجأ المسلم إلى الحياة المنطقية التي ابتعدت كل البعد عن الثقة في تدبير الله والضمان الإلهي، وخصوصًا فيما يتعلق بأمور الرزق والوظيفة والحياة عمومًا، ولم يكن القرآن أبدًا بعيدًا عن النهضة والحضارة كما يدَّعي البعض.
مؤلف كتاب الطريق إلى القرآن
إبراهيم السكران: هو باحث ومفكر إسلامي، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كما نال درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا، ومن أهم مؤلفاته:
رقائق القرآن.
الماجريات.
سلطة الثقافة الغالبة.