منهج مدارس الإصلاح
منهج مدارس الإصلاح
اعتمد الإمام الغزالي في منهجه على ثلاث قواعد وجد فيها طريق الإصلاح والتجديد، أوَّلها أن هذه الأمة لا بد أن تحمل رسالة الإسلام إلى العالم بأكمله، وحين ينشغل المسلمون عن تبليغ الرسالة ستمتلئ الأرض فتنة وفسادًا.
والقاعدة الثانية أنه لا بد من البحث عن أسباب قعود المُسلمين، وأخيرًا القاعدة الثالثة أن نجعل غاية بحثنا تشخيص المرض وتقديم العلاج، وألا يكون بحثًا مُجردًا من الأهداف والغايات لا يزيد الأمة إلا توترًا.
ومن خلال تلك القواعد قدَّم الغزالي معالجاته لشؤون الأمة، وقد تميزت هذه المعالجات بأنها اعتمدت على فكرة “النقد الذاتي”، أي أنه لم يلجأ إلى التبريرات، وأن حال ضعف المسلمين سببه قوة العدو المُهاجم، بل اعتمد مبدأ الآية الكريمة: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾، وكما وصفها الكاتب: (فكان الغزالي يُعالج “قابلية الهزيمة” بدل التباكي على “مظاهر الهزيمة”)، ولهذا كان أساس المرض هو فساد المحتويات النفسية والفكرية للمسلمين، ومتى ما أردنا الإصلاح لا بد أن نبدأ بإصلاح الأفكار والنفوس، لذا حين اعتزل الغزالي كان هذا الاعتزال بمنزلة ضبط لأفكاره ونفسِه أولًا قبل إصلاح الآخرين.
فقد أدرك الغزالي أثر التراث الذي تمكَّنت فيه الانحرافات، ففرَّق بين ما كان إسلاميًّا أصيلًا وما هو دخيل على الإسلام، وحدَّد أمراض المُجتمع المُسلم، ومن هذه الأمراض: فساد رسالة العلماء حين صار همهم الأوَّل الدُّنيا وزينتها، فابتعدت رسالتهم عن قضايا المجتمع الحقيقية، فظهر التديُّن السطحي واختفى أساس العقيدة، فانحصر الدين في طقوس وأفعال، وابتعد عن السياسة والحياة العامة.
كذلك فساد أصحاب الأموال، وسبب فسادهم هو أنهم قد جهلوا الحكمة الأساسية من المال، ولم يفهموا ما هي أولويات الإنفاق، فحينما انشغلوا بجمع الأموال وكنزها بُخلًا وغرورًا ظهر الفقر والجوع بين الناس.
الفكرة من كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
حينما نتحدَّث عن تحرير القُدس تبدأ الأشجان في تذكُّر صلاح الدين، ويتساءل الناس دومًا: أين صلاح الدين الآن؟! والسؤال الحقيقي الذي لا بد أن نسأله لأنفسنا، هل الذي حرَّر القُدس كان صلاح الدين وحده؟ وهل ظهر صلاح الدين فجأة بين المُسلمين فقاموا معه؟ أم أن هُناك آلاف صلاح الدين قبل صلاح الدين نفسه؟ وهذه هي الحقيقة الكُبرى التي تغيب عنَّا! فلم يُحرِّر صلاح الدين القدس وحده، بل حرَّرها كثيرون قبله بعشرات السنين حين بدؤوا في تهيئة الجيل الذي ظهر فيه صلاح الدين، فحرَّروه فكريًّا ونفسيًّا وعقديًّا.. في كتابنا قدَّم لنا الكاتب أحداث ما خلف الستار التي من خلالها نعرف صلاح الدين مُحرِّر القُدس.
مؤلف كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
ماجد عرسان الكيلاني: مُفكِّر ومُؤرِّخ وتربوي أُردني، وُلِد عام 1932م، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكية في بيروت، وشهادة الماجستير في التربية من الجامعة الأردنية، وشهادة الدكتوراه في التربية من جامعة بتسبرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الدكتور ماجد الكيلاني على عديدٍ من الجوائز والتكريمات من دول العالم المُختلفة، منها: جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية، وتوفِّي في عام 2015 م، بعد أن قدَّم الأفكار الكبيرة والأعمال الضخمة التي تُصحِّح للأمة الإسلامية مسارها.
ومن مؤلفاته:
“فلسفة التربية الإسلامية”، و”الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي”، و”رسالة المسجد”، و”صناعة القرار الأمريكي”.