منهج الغزالي في الإصلاح
منهج الغزالي في الإصلاح
تميز منهج الغزالي في كتاباته بالاعتماد على النقد الذاتي، فكتاباته تخلو من تلمس التبريرات وإلقاء المسؤولية على الغير من مسببي عوامل الضعف الداخلي أو الخارجي كالصليبيين، ومنهجه هنا يتفق مع المبدأ الإسلامي ﴿مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾، فالمشكلات حسب تصوره في فساد المحتويات الفكرية والنفسية عند المسلمين في أمور العقيدة والاجتماع، وما غير ذلك من مضاعفات للمشكلات تزول بزوال المرض الأساسي.
كذلك كان اهتمامه بجانب الإصلاح الفكري والنفسي يقوم على مبدأ ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾،فقد بدأ يغير ما بنفسه أولًا ثم عمل على تغيير ما بنفس الآخرين.
كما أنه كان يشخص ويرى أن أمراض المجتمع الإسلامي ناتجة عن عدة أسباب منها: فساد رسالة علماء الدين، فهو يراهم علماء منتسبين إلى الدين وعلماء دنيا لا دين فيحملهم مسؤولية فساد الحكام والملوك والعوام، فكان يرى أن أصل الداء هو فقد الطبيب والأطباء هم العلماء وهم أنفسهم مرضوا بسبب طلبهم الجاه والرياسة والمناصب فكيف يعالجون غيرهم، ولم يكن نقده ومنهجه الإصلاحي موجهين إلى العلماء أو العامة وحدهم بل شمل نصحه وتوجيهه الحكام الذين بأيدهم أمور المسلمين، وكان يؤكد أن صلاح الأمة لا يتم إلا بصلاح فئتي أهل العلم والفكر وأهل السلطة والسياسة، فإذا صلحتا صلح الناس، وإذا فسدتا فسد الناس.
ولم يكتف الغزالي بهذا بل تعددت ميادين الإصلاح عنده مثل العمل على إيجاد جيل جديد من العلماء والمربين، ووضع منهج جديد للتربية والتعليم تكاملت فيه العلوم الدينية مع المهن والعلوم الدنيوية، كما عمل على إحياء رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأولها أن يبدأ الشخص بنفسه ثم يعلم أهل بيته ثم أهل محلته وبلدته وأهل المناطق ثم الإنسانية كلها، ومحاربة المادية الدنيوية والتيارات الفكرية المنحرفة، وتعددت ميادين الإصلاح لديه حتى أثرت تأثيرًا كبيرًا في عصره وما بعده.
الفكرة من كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
أبو حامد الغزالي علوم اجتمعت في عالم، وأشخاص اجتمعت في شخص واحد، اختلف حوله القدماء والمحدثون، بين ناقد ومادح، ومؤيد ومعارض.. لقي عناية كبيرة من الإسلاميين وغيرهم من الغربيين والمستشرقين.
يضم هذا الكتاب بين دفتيه ترجمة وسيرة حياة حجَّة الإسلام أبي حامد الغزالي ومنهجه في الإصلاح والتجديد وجهوده التي قام بها في خدمة الدين والعلم، وأبرز محطات حياته والتغيرات الفارقة فيها، يُعرف الكتاب بنسبه ومولده وظروف نشأته ورحلته التي قضاها في طلب العلم واجتهاده فيه، مرورًا بالتحولات والأحداث التي غيرت مجرى حياته حتى ذاع صيته وشهرته، ثم عُزلته وبداية اشتغاله بالتصوُّف وجهوده في الإصلاح.
مؤلف كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
علي محمد محمد الصلابي: كاتب ومؤرخ من مواليد 1963 بنغازي ليبيا، تخرج في كلية أصول الدين والدعوة بالمدينة المنورة، ونال الماجستير في التفسير وعلومه من جامعة أم درمان، ثم نال الدكتوراه في الدراسات الإسلامية برسالته في فقه التمكين في القرآن عام 1999، والتي طبعت في كتاب بعد ذلك.
له العديد من المؤلفات في التاريخ والسير، منها: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط – صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي – موسوعة الحروب الصليبية، والعديد من الكتب في سِيَر الخلفاء والقادة.