منهج الإصلاح
منهج الإصلاح
قصد ابن باديس إلى إصلاح عقائد الناس وأخلاقهم وأفكارهم، فعني بمصادر التلقي لأنها مدخل الأهواء والبدع، وحصرها في كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح، فسعى إلى بيان الحق وإنكار البدع والحث على تعلم العقيدة الصحيحة وكتابة المقالات والدعوة إلى المشاركة في الإصلاح ومناصحة أصحاب العقائد الفاسدة.
وطريقته في تربية النشء هي بناء نفوس متسلحة بالإيمان والعلم والفكر الصحيح والخلق القويم والأخذ بأسباب العمل والحضارة والإصلاح، فأسَّس جمعية التربية والتعليم الإسلامية بهدف نشر الأخلاق والمعارف والصناعات، ولم يقتصر على الفتيان دون الفتيات، بل جعل للفتيات نصيبًا من التعليم والتربية إدراكًا منه لخطورة جهل المرأة المسلمة بدينها فيقول: “إذا أردنا أن نكون رجالًا فعلينا أن نكون أمهات ديِّنات”.
وحرص الشيخ على إكساب الطلاب الذاتية في التعلم، فلا يكتفون بالتلقي، بل وضع خطة ذاتية لتوسيع المدارك بالقراءة وتنمية قدرات التفكير، وكان الشيخ يحرص على مخالطة طلابه وحسن استقبالهم، ولم يغفل دور الإعلام والصحافة في توعية الناس والتأثير في توجيه الرأي واتخاذ القرار فكتب كثيرًا من المقالات في مختلف الصحف والمجلات، وأسس صحيفة المنتقد، وكان شعارها (الحق فوق كل أحد والوطن قبل كل شيء)، وكل هذه الجهود لإصلاح الواقع الأليم الذي عايشه ابن باديس.
وما كانت تلك الجهود لتُكلَّل بالنجاح وحسن الأثر إلا بتوفيق الله وشخصية الشيخ القيادية وشجاعته في الحق وهمَّته في الخير والسعي إلى العلم والتفكر والتواضع والزهد واتباعه للعقيدة السلفية الموافقة للفطرة، والوعي الدقيق بالواقع وحسن التخطيط واليقين بالنجاح ليثبتوا على الحق، ولم يكن ابن باديس يركن إلى اليأس والقنوط حتى في أحلك الظروف.
الفكرة من كتاب التجربة الدعوية للشيخ عبد الحميد بن باديس
يعدُّ النظر في تجارب الدعاة والمصلحين حافزًا للهمم في ذلك الزمان، ويقدم لنا الكتاب الذي بين أيدينا مقتطفات من مسيرة حياة الإمام المجاهد عبد الحميد بن باديس (رحمه الله)، وهو من أبرز الدعاة المصلحين من ذوي الأثر العظيم في نهضة الأمة، والعوامل المؤثرة في نشأته ومنهجه في الإصلاح، وتجربته الإصلاحية التي تستوجب أن يتوقف عندها الدعاة والمصلحون بالدراسة والتحليل ليستفيدوا منها في طريق الإصلاح والنهوض بهذه الأمة المعطاءة.
مؤلف كتاب التجربة الدعوية للشيخ عبد الحميد بن باديس
مركز البحوث والدراسات بمجلة البيان السعودية، ويهدف إلى بناء الوعي وفقًا لمنهج أهل السنة والجماعة، ويرصد التطورات الحاصلة في مجال الفكر الإنساني عامة والفكر الإسلامي خاصة، ويقدم خلاصات تساعد على كيفية التعامل الصحيح معها، كما يقدم رؤية إسلامية للقضايا السياسية والاستراتيجية ودراسة النوازل الفقهية والعقدية، ويتألف المركز من ثلاث شعب رئيسة هي: شعبة الدراسات السياسية والاستراتيجية، وشعبة الدراسات الشرعية والفكرية والدعوية، وشعبة الندوات والمؤتمرات.