منغصات الحياة
منغصات الحياة
أحد الأسباب الكامنة وراء تعاسة الإنسان يكمن في الرسائل والأشرطة المسجلة بداخله في مراحل الطفولة والصغر، حينما كان صغيرًا كان يرى العالمَ من خلال الوالدين والأقربين، حينها كان محملًا بالكثير من الأسئلة حيال العالم من حوله والأهم من ذلك حيال نفسه. ومن الأسئلة التي كان يبحث لها عن جواب هي: “كيف أكون سعيدًا آمنًا مطمئنًّا؟”.
وأغلب الأجوبة التي وردته كانت من خلال كلمات الكبار، والأهم من ذلك من خلال أفعالهم، فحين كان يسمع ويشاهد ويتعلم أن الأهل يقلقون حيال المال ويسعون وراء تكنيزه وتكثيره فحينها يستنتج أن المال هو المهم، وأن المال قد يكون سبيل وصوله إلى النجاح والسعادة.
وإن شاهد الأهل ورأى منهم تعويلًا واتكالية على الآخرين وكانت كلمات مثل “هو من أغضبني”،
“لقد أفسدت يومي” استنتج أن للآخرين سَطوةً وأثرًا، فبإمكانهم أن يمدوه بالفرح وبإمكانهم أن يتسبَّبوا في إغضابه وحينها يكون بين مقبل ومدبر وبين منبسط ومنقبض من الناس.
ومن الرسائل السامة التي تعكِّر صفو سعادة الإنسان تلك التي كانت تجعله في مقارنة مع الآخرين سواء كانت في المظهر أو الذكاء أو الفَهم أو الإنجاز، فيدخل في صراع محموم للوصول إلى الكمال في كل شيء، فيجب أن تكون المرأة أجمل من نظيراتها حتى تتزوَّج، ويجب أن تكون أغنى.. ويجب.. ويجب.. وسلسلة لا تنتهي من القيود والواجبات التي تثقل كاهلها وتبقيها في فلك المقارنات.
لكن الحقيقة أنه لا أحد يَسعَد وسط هذه الدائرة وهذا الجو المشحون.. لا أحد يربح في هذا الصراع المحموم.. الجميع خاسرون!
الفكرة من كتاب السعادة تنبع من الداخل
هل السعادة حقًّا في متناول الجميع -كما يقولون- وأن علينا أن نبحث عنها في داخلنا وليس في الخارج، وهل على كلٍّّ منَّا أن يتحمَّل المسؤولية كاملة عن تحقيق سعادته، لذا عندما نبحث عن سعادتنا من خلال الآخرين أو الأشياء نكون في توجُّه خاطئ، فالسعادة التي تستمرُّ لا بدَّ أن تنبع من الداخل؟! أم أنها ليست هدفًا بحدِّ ذاتها، بل هي نتيجة لأمور أخرى نسعى إليها؟
في هذا الكتاب يوضح المؤلف مفهوم السعادة والأسبابَ الكامنة وراء منغِصات الحياة، منتقلًا إلى الحديث عن الإنسان الذي يختبر السعادة في حياته، وما السبيل إلى ذلك.
مؤلف كتاب السعادة تنبع من الداخل
جان باول اليسوعي: كاتب ألماني واسمه الحقيقي يوهان باول فريدريش ريشتر، ولد عام 1763 في فونزيدل، كان ابنًا لأحد المدرسين وعاش في ظروف شديدة الفقر، وتُوفِّي والده مبكرًا، وكان من المفترض أن يدرس جان باول علم اللاهوت في لايبزغ، إلا أنه اتجه إلى الكتابة والتأليف، وبعد فترة إعداد طويلة ورفض دور النشر لأعماله، كتب جان باول أعمالًا جعلته مشهورًا لسنوات قليلة، وأهمها: “سر البقاء في الحب”، و”لماذ أخشى أن أقول لك من أنا”، و”حب بلا شروط”.
وعندما كتب أحب أعماله إلى قلبه “تيتان.. سنوات المراهقة” لم يجد نجاحًا يُذكر، فاعتزل الحياة وعاش على هامشها إلى أن تُوفِّي في الثانية والستين من عمره في عام 1825 في بايرويت.