منظومة القيم العليا
منظومة القيم العليا
لماذا هي منظومة؟ ولماذا هي عليا؟ أسئلة مشروعة تجول في خاطر من يقرأ عنوان الكتاب، وإجاباتها تتلخَّص في الآتي؛ هي منظومة لأن بين عناصرها علاقة تفاعل وتكامل وثيقة، فهذه القيم الثلاث تسلم بعضها بعضًا، وتبيِّن بعضها بعضًا، فالتوحيد أساس التزكية والعمران، وكلاهما يعزِّز توحيد الفرد المسلم وإيمانه بالله (عز وجل)، وهي عليا لأنها تمثِّل مرجعية مقاصدية توضح غاية الحق من الخلق، ومنظومة معيارية تنبثق عنها كل القيم الرئيسة والفرعية الأخرى في الإسلام.
وإذا كان التوحيد هو رأس الأمر في التفكير الإسلامي، وأساس بناء الحضارة، فإن قيمته تظل حبيسة التصورات النظرية، إذا لم تنبثق عنه تزكية تملأ قلب ونفس الإنسان ومشاعره، وتغمر تعاملاته وأنماط سلوكه، لكن هذه التزكية تصبح زهدًا سلبيًّا وانسحابًا من المجال العام إذا لم تترجم في السعي لبناء المجتمعات وعمرانها الحضاري، وتحقيق مهمة الاستخلاف في الأرض، إذ إن تفعيل هذه القيم من شأنه أن ينعكس ليس فقط على حياة الفرد واتزانه روحيًّا وجسديًّا، ولكن أيضًا تنعكس على مجمل المجتمع واستقراره، فيضمن تماسكه وترابطه وتراحمه، ويحميه ضد أي تدخُّلات خارجية تريد أن تحط من قيمته.
ومنظومة هذه القيم هي المقابل للعناصر الثلاثة في النظام المعرفي الإسلامي: الله – الكون – الإنسان، وهي تفعيل لها على أرض الواقع، فتعمل هذه القيم كسقف حاكم لسلوك الإنسان وضابط له، وحامٍ في الوقت نفسه له من شرور الوقوع في ظلم نفسه، أو الإفساد في الأرض، وبالتالي هلاكه وخراب عمرانه، والالتزام بها هو الضمان الوحيد لأن يكون فقهنا وفكرنا وعملنا إسلاميًّا خالصًا لا يشوبه شائبة.
الفكرة من كتاب منظومة القيم العليا
الحياة من دون قيم ليست حياة، فهي حياة بلا غاية أو هدف يوجِّه سلوك الإنسان فيها، والإسلام أكثر ما عالج هذه القضية، فجاء ليضع مجموعة من القيم والمبادئ التي يمكنها أن تنظِّم حياة البشر أفرادًا وجماعات، وتضمن لهم السعادة في الدارين، ولما كان أول ركن في الإسلام هو الشهادة كانت القيمة الأولى في الإسلام هي التوحيد، وهي القيمة التي تنبثق عنها كل القيم وتعمل تحت مظلتها، ويقترح هذا الكتاب إلى جانب التوحيد قيمتي التزكية والعمران، ليشكِّلوا معًا منظومة متكاملة مترابطة، تكون بمثابة البوصلة التي من أجلها وعلى أساسها يتحرك المسلم في حياته.
مؤلف كتاب منظومة القيم العليا
فتحي حسن ملكاوي: مفكر إسلامي، متخصِّص في العلوم التربوية، ينتمي بفكره وجهده البحثي إلى مدرسة إسلامية المعرفة، ومؤسسة المعهد العالمي للفكر الإسلامي، حيث يعمل حاليًّا مديرًا إقليميًّا في المعهد، بالإضافة إلى كونه عضوًا بمجمع اللغة العربية بالأردن.
شارك ملكاوي في تأليف العديد من المقرَّرات والكتب المدرسية والجامعية، كما أن له عدة مؤلفات في موضوعات إسلامية وتربوية مختلفة منها: منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية، والفن في الفكر الإسلامي: رؤية معرفية ومنهجية، ومشروعات بحثية في التراث التربوي الإسلامي، بالإضافة إلى الكثير من المقالات والدراسات التي نُشر معظمها في دورية إسلامية المعرفة: مجلة الفكر الإسلامي المعاصر.