منشغلٌ عنها.. منشغلٌ بها
منشغلٌ عنها.. منشغلٌ بها
نموذج آخر يتصدر الساحة الفكرية، من مصر هذه المرة، نموذج تقلب كثيرًا بداية من الريف الدمنهوري في الصغر حتى جماعة الإخوان في المرحلة الثانوية ثم الماركسية في الجامعة، وبعدها مرحلة التأثر بمدرسة فرانكفورت ثم الخطاب الماركسي الجديد في أمريكا، والعودة في النهاية إلى التأثر بالتصورات الإسلامية بعد أن ذاق مرارة كل من الاتجاهات السابقة في عدم تقديمها جوابًا كافيًا شافيًا عن تفسير ظاهرة الإنسان، فأدرك بعد قطع كل هذا الطريق الطويل أن ذلك التفسير لا بد أن يأتي من خطاب سماوي علوي ثابت، غير قابل للتغير أو التأثر بكل معطى جديد بعيد كل البعد عن التفسيرات المادية التي تغرق فيها الشعوب الغربية، ولا أحسن من تعبيره هو عن نفسه إذ يقول: “وقد حاولت في مرحلة الترقيع أن أبقى داخل النموذج العادي في بحثي عن المركز والمطلق، فتارة كنت أراه في العنصر الاقتصادي، ثم في التاريخ ومكره وحتمياته، ثم في القضية الفلسطينية.. وعندما وصلت إلى أن النموذج المادي عاجز عن تفسير ظاهرة الإنسان وأنه لا يمكن تفسير هذه الظاهرة إلا باللجوء لنماذج غير مادية، عدت إلى الرؤية الإيمانية”.
ماذا فعل المسيري إذًا بعد رحلته الطويلة هذه في ما يتعلق بالشأن السياسي العام، وماذا قدّم؟
اتخذ المسيري موقف العزلة المؤقتة أو النسبية، ليستطيع إخراج منتج فكري ومعرفي، فخرج للعالم بـ”موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية – ٨ مجلدات” بعد ثلاثين عامًا من الكتابة والتضحية، فلقد عرضه العمل عليها للتهديد بالقتل والتفتيش والسرقة مرات كثيرة في مصر وأمريكا من قبل الصهاينة، حتى تم تعيين حراسة أمنية عليه في مصر، على الجانب الآخر فبمجرد خروج هذه الموسوعة للنور انهالت عليه الطلبات للقاءات التلفزيونية، وعندما شعر باستنزافها لوقته وجهده وتشتيتها لفكره عن العمل والإنتاج عاد للعزلة النسبية مرة أخرى، إذًا فهو يرى أن الاطلاع العام الإجمالي على الماجريات السياسية مع الانفصال النسبي عنه للانشغال في الإنتاج الفكري والمعرفي هو من صلب عملية التغيير في ذلك الواقع، وكتاباته سواء حول الصهيونية أو الحداثة الغربية ومآلاتها تصدّق ذلك فعلًا.
الفكرة من كتاب المَاجَرَيَات
بلهجة الناصح، وبأسلوب المنطق، وبالنماذج الواقعية التفصيلية، ينبه الكاتب بشكل خاص طلاب العلم ويهمس في آذانهم، أن حذارِ أن تضيعوا أوقاتكم وأعماركم على أرصفة المَاجَريات، وإن أردتم عملًا جادًّا وتأثيرًا حقيقيًّا وإنجازًا يُذكر فهَاكُم نماذج مساعدة!
مؤلف كتاب المَاجَرَيَات
إبراهيم السكران: تحول من الليبرالية إلى السلفية، باحث ومفكر ومحامٍ سعودي، لم يكمل العام في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حتى غادرها إلى كلية الشريعة، لينال درجة الماجستير في السياسة الشرعية متوجهًا بعدها إلى بريطانيا، لينال أيضًا درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي. له العديد من المقالات والمؤلفات، منها:
مسلكيات.
مآلات الخطاب المدني.
سلطة الثقافة الغالبة.