منزلة التوبة
منزلة التوبة
في سفر الحياة لن تستطيع إكمال المسير بغير توقُّف ومراجعة وإعادة حساباتك وتنظيم خططك، والتوبة في سيرك لله وسفر الحياة الدنيا أولى المنازل وأوسطها وآخرها وهي واجبة لازمة لكل أحد، ولن يقوم بها فرد بدلًا عن الآخر، فالمخطئ في جنب الله هو المطالب بالعودة إلى جنب الله واستفراغ جهده ووسعه كله في طلب رضاه وانتظار رحماته.
واعلم أن التسويف هو عدو التوبة الأول وأن الموت يرصد ابن آدم من كل حدب وصوب، فكيف يسلم المرء نفسه للتأجيل والتسويف ويخاطر بمستقبله الأخروي إلا أن يكون جاهلًا! يقول الغزالي: «إن كل تأخير لإنفاذ منهاج تجدِّد به حياتك، وتصلح به أعمالك لا يعني إلا إطالة الفترة الكابية التي تبغي الخلاص منها، وبقاءك مهزومًا أمام نوازع الهوى والتفريط، بل قد يكون ذلك طريقًا إلى انحدار أشد، وهنا الطامة!».
إن المكاتب تحتاج إلى تنظيف وترتيب بعد يوم عمل طويل، وكذلك المنازل تحتاج إلى معاهدة ورعاية أسبوعية إن لم تكن يومية حتى تعود إلى أصلها ويتجدَّد بهاؤها ورونقها، وهذا بالجمادات فكيف بالآدمي المكافح المجاهد لشهواته والساعي في هذه الأرض ليل نهار!
بل إن محاسبة النفس وتفقُّدها يكاد يكون من حقوقها على أصحابها، فكيف تقودهم نفوس مهملة تراكمت عليها أدران وشهوات وخواطر ورغبات؟ ومهما بلغت تلك النفس من السوء والبعد فلن تكون أقرب إلى شيء أقرب منها إلى خالقها وبارئها (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)، ولعلمه بحالها وحاجتها عدَّد وكثَّر وفتح لها الأبواب في كل وقت وفي كل حين يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويتنزل في ثلث الليل الأخير نزولًا يليق بجلاله وعظمته (سبحانه) ليغفر لها ويعطيها سؤلها، وكما أن أبوابه مشرعة لن تغلق فكذا التوبة لن تتوقَّف حتى تفيض روح ابن آدم فيلقى ربه على ما وعده.
الفكرة من كتاب الجانب العاطفي من الإسلام
إن «صدق العاطفة ليس عذرًا للخلط العلمي، ولا للقول في دين الله بالهوى والرأي، فإن للإسلام ينابيع معروفة محصورة تؤخذ أحكامه منها وحدها، ولا يؤذن لبشر بالزيادة عليها أو الانتقاص منها».
مجموعة من المقالات المنوعة المترابطة كونها تصحِّح التصوف المغلوط وتوضحه من وجهة نظر إسلامية صحيحة، وتربط أعمال القلوب بأصل الدين ووجود الإنسان وهدفه وغايته بأسلوب سهل قريب للقارئ.
مؤلف كتاب الجانب العاطفي من الإسلام
محمد الغزالي: عالم ومفكر إسلامي مصري، وأحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عُرِف عنه تجديده في الفكر الإسلامي، كما عُرِف بأسلوبه الأدبي في الكتابة واشتهر بلقب أديب الدعوة. ولد في الخامس من ذي الحجة 1335 هـ/ 22 سبتمبر (أيلول) 1917م، وتوفي يوم 20 شوال 1416 هـ/ 9 مارس (آذار) عام 1996م، تاركًا لنا مكتبة عظيمة من الكتب والمؤلفات.
ومن أبرز مؤلفاته:
فقه السيرة.
هموم داعية.
جدد حياتك.
نظرات في القرآن.
سر تأخر المسلمين والعرب.