منبع الفكر
هناك تحسُّن في قراءات الدعاة في الاتجاهين السياسي والاجتماعي العام، بينما ساءت في تحوُّلها إلى السطحية في القضايا الفكرية التي تمسُّ الجانب الشرعي، ونحن أمام ثلاث حالات، بين الثقافة السطحية لدى البعض ممن يأخذون القشور فيُبغِّضون للناس دين الله بجهلهم، وآخرون يجمعون العلم بغير منهجية، فيتحدثون في كل بحر بغير أدواته ويدلون في كل موضع بغير تمحُّص، والحالة الثالثة تتمثَّل في الدعاة الباحثين عن الحق المنصفين، ونحن في ضبط ذلك بحاجة إلى التربية على المنهجية العلمية في التعامل مع المسائل الشرعية، وتقريب العلوم والدراسات للدارسين لتجمع بين التأصيل والمعاصرة، وأن نُعنى بالتربية الإيمانية.
ومن المجالات التي نجد فيها شُحًّا الدراسات النفسية والفلسفية، مع أن أولي البصيرة والنظر يدركون أهميتها لفهم الواقع والناس ونفوسهم، فيفيدون الإسلام وينظرون إلى مستقبله عن فهم وبصيرة، إذ إننا في بحر من التشتُّت والتمزُّق، غير متفقين على تحديد قضايانا المصيرية، ومن أسباب ذلك استغراق كثير من المفكرين في قضايا نظرية وغير مدروسة، وكذلك إغفال دراسة الأسباب والبعد عن العمل الميداني، فنغرق في التنظير للقضايا الكبرى، بينما في ساحة العمل للأهداف الواضحة المعقولة فقليل هم المنشغلون العاملون بصدق ورؤية ولو على هدف صغير، وذلك ما يؤتي أكله وليس التنظير والشعارات.
والمفكر هو الذي يقوم برصد الواقع وتحليله والخروج بمفاهيم ونظريات وربما آليات للنهوض به وتغييره، واليوم كل مجالات الفكر مفتوحة ومتاحة، فتجد المفكر يضرب في كل ألوان العلوم محلِّلًا ومنظِّرًا ومجادًلا، فمنهم من يضرب بغير علم ولا أدوات غافلًا عن أن لكلِّ فكر أدواته، ولكل مجال متخصصين فيه، ولكل فكر ينبغي أن يكون هناك منهج ضابط.
الفكرة من كتاب خطوات نحو التجديد
إن الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى طريقه، هي أعلى ما قد يطمح إليه المرء، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.
وفي ظل التغيرات والمستجدات المتسارعة التي يعيشها جيل اليوم، ويلمسها كل المنشغلين بالفكر والدعوة، يرى الكاتب أن من المهم والصحي أن نتشارك همومنا وأسئلتنا لنعي الحاضر ونستعد للمستقبل والعمل له، وعرض أفكاره عن مشكلات المفكرين والدعاة على قسمين؛ تجديد الوعي، وتجديد الدعوة.
مؤلف كتاب خطوات نحو التجديد
علي بن حمزة العمري، داعية سعودي، ولد عام 1973م، حاصل على دكتوراه في الفقه المقارن، وماجستير في أصول الفقه، رئيس جامعة مكة المكرمة المفتوحة، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس مجلس إدارة مركز فورشباب للدراسات والبحوث والتطوير، حاصل على لقب سفير السياحة العربية، ألف أكثر من ٧٠ كتابًا، وله العديد من البرامج الفضائية.
ومن مؤلفاته:
مشكلات وحلول في حياة الشباب.
سلفي في كافيه.
النقد الدعوي مراجعة لا رجوع.
الصحة الإيمانية.