مليار نسمة بين الحياة والموت
مليار نسمة بين الحياة والموت
يعيش معنا على هذا الكوكب مليار نسمة يقطنون دولًا لا تعرف أي نمو اقتصادي البتة، يعيشون في القرن الحادي والعشرين، لكنهم في الحقيقة ينتمون إلى ظلمات العصور الوسطى التي كانت تعيش فيها أوروبا، إذ تكثر في تلك الدول الحروب الأهلية والكوارث بكل أنواعها وأشكالها، كما يعشِّش فيها الجهل، وتوجد معظم تلك الدول التي يسكنها مليار نسمة في أفريقيا، ووسط آسيا، وفي أماكن أخرى متفرقة من العالم، والمشكلة تكمن في أن هذه الدول التي تعيش تحت خط الفقر تزداد ابتعادًا عن الاقتصاد العالمي الذي يزداد في المقابل تعقيدًا، ما يعني أنه مع مرور الوقت سوف يكون من الصعوبة بمكان دمج هؤلاء المليار نسمة فيه!
هناك عديد من المشكلات التي تثيرها منظمات المساعدات، وكذلك الشركات التي تمتلك عقود تنفيذ مشروعات تلك المنظمات، إذ تمنع وتحارب أي تغيير يعرِّض مصالحها وامتيازاتها في تلك الدول إلى الخطر، لأنهم يحبون أن تبقى الأمور على حالها! كما أن جميع المنظمات التنموية تجد صعوبة بالغة في إرسال موظفيها وكوادرها إلى دول مثل تشاد وملاوي، وتفضل أن ترسلهم إلى دول أخرى ساحرة وفاتنة بالنسبة إليهم كالصين والبرازيل والهند، فالمصرفي الدولي -على سبيل المثال- توجد له مكاتب في جميع الدول صاحبة مستوى الدخل المتوسط، بينما لا نجد له شخصًا واحدًا في دولة مثل أفريقيا الوسطى، وبالتالي يجب علينا أن نتوقع أن تلك المنظمات لن تركز أو تهتم بتلك الدول طواعية.
وإلى جانب ذلك فإن الحكومات التي تحكم هذه الدول هي حكومات تأتي بالمتطرفين الذين يشقون طريقهم إلى السلطة عن طريق القوة المسلحة، بل وفي كثير من الأحيان يتربَّع على عرش السلطة في تلك الدول اللصوص والمحتالون الذين يشترونها بالأموال، في الوقت الذي يوجد فيه أناس أبطال وشجعان في هذه الدول يحاولون بناء مستقبل أفضل، لكن لا يستطيعون الوصول إلى السلطة.
فهؤلاء المتطرفون والمحتالون واللصوص يتمسكون بأماكنهم، ما يزيد تلك الدول تفككًا وتمزقًا، وبالتالي يجب علينا ألا نتوقع من تلك الحكومات أيضًا أن تحقق أي نمو اقتصادي ينتشل تلك الدول من الفقر المدقع، ولكي تنعم تلك الدول بالنمو والتنمية الحقيقية يجب ألَّا يصل هؤلاء الأوغاد واللصوص الذين يمتلكون السلاح إلى السلطة وأن تتاح الفرصة للأبطال.
الفكرة من كتاب مليار نسمة تحت خط الفقر.. لماذا تخفق البلاد الأشد فقرًا في العالم؟ وما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟
يدور الكتاب حول مجموعة من الفخاخ التي جعلت مجموعة من الدول في أفريقيا ووسط آسيا (كملاوي وسيراليون) وغيرهما، تقبع في أسفل العالم، تلك الدول التي لا تعيش تحت خط الفقر وحسب، بل وفاشلة في تحقيق أي نمو اقتصادي مقارنةً بالدول النامية والدول المتقدمة، ما يزيدها فقرًا فوق الفقر الذي تعيش فيه يومًا بعد يومٍ، فهي بلدان في الحقيقة تعيش في مهب الريح، وتهيم على غير هُدى، فبعض هذه الدول لم تقتصر القضية معها على السقوط في الخلف فقط، بل سقطت بعيدًا وأغرقت في السقوط، ومن هنا يبين لنا الكاتب معالم الفخاخ التي أدت إلى سقوط تلك الدول، وبالتبعية إلى سقوط مليار نسمة من سكان العالم في الفقر المدقع، ما كوَّن عالمًا مصغرًا مملوءًا بالتعاسة والفقر والاستياء!
مؤلف كتاب مليار نسمة تحت خط الفقر.. لماذا تخفق البلاد الأشد فقرًا في العالم؟ وما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟
بول كوليير هو اقتصادي بريطاني، يعمل في مجال التطوير الاقتصادي، حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، ويشغل منصب أستاذ في معهد الدراسات السياسية، وأستاذ زميل في كلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد البريطانية، وهو متخصص في المآزق السياسية والاقتصادية والتنموية للدول المنخفضة الدخل، وقد أسس مركز دراسة الاقتصادات الأفريقية وظل مديرًا له حتى عام 2014، له عديد من المقالات واللقاءات الصحفية والفيديوهات، ومن كتبه المترجمة إلى اللغة العربية:
مليار نسمة تحت خط الفقر.
الهجرة: كيف تؤثر في عالمنا؟
ومن كتبه باللغة الإنجليزية:
The Plundered Planet: Why We Must, and How We Can, Manage Nature for Global Prosperity.
Plundered Nations? Successes and Failures in Natural Resources.
معلومات عن المترجم:
هيثم جودت نشواتي: مترجم، ترجم عددًا من الكتب، منها:
السلحفاة.. التاريخ الطبيعي والثقافي.
رواية “الطريق” بالاشتراك مع المترجم “معين محمد الإمام”.
مليار نسمة تحت خط الفقر.