ملامح شخصيته وآثاره
ملامح شخصيته وآثاره
درس دراز الثقافتين الإسلامية والغربية من منابعهما الأصلية، فخرج برؤية تركيبية عميقة بعيدًا عن السطحية التي أصابت الكثيرين الذين وقفوا عند إحدى الثقافتين، وقد جمع دراز بين روحانية الحكيم الترمذي وعقلانية ديكارت وبين دقة النظر ورحابة الأفق والتجرُّد الموضوعي، فلم تدفعه همجية الغرب من سوء الظن بالحضارة الإنسانية ومقوماتها الأساسية، وكان والهًا بالقرآن عاكفًا على قراءته وتدبُّره، وعليه تدور كل كتاباته وأفكاره حتى الدراسات غير القرآنية كانت تنطلق من نظرة قرآنية، وكان تأثير القرآن الكريم في أسلوبه الكتابي باديًا لكل ناظر، واتسم أسلوبه الكتابي بالعمق وحسن السبك والبعد عن التكلف اللفظي والمعنوي، ويصف الدكتور عبد الستار فتح الله كلماته بـ«موجات روحية نورانية تمتزج بقلبي وعقلي، وتثير في نفسي نبضات روحية تسمو بها إلى الملأ الأعلى».
لم يكن الشيخ دراز من المكثرين في التأليف لكن آثاره إضافات نوعية عديمة النظير في الفكر الإسلامي، ومن أهم كتبه: “دستور الأخلاق في القرآن”، وهو رسالته التي حصل بها على الدكتوراه من جامعة السوربون، ترجمها إلى العربية عبد الصبور شاهين، كما صدرت بترجمة إنجليزية بلندن عام ٢٠٠١، و”مدخل إلى القرآن الكريم: بحث تاريخي وتحليل مقارن”، وهو رسالته للماجستير ترجمها للعربية محمد عبد العظيم علي، و”النبأ العظيم: نظرات جديدة في القرآن”، وقد نشره دراز عام ١٩٥٧، وله ثلاث عشرة طبعة على الأقل، وله كذلك ترجمة إنجليزية لعادل صلاحي بعنوان “القرآن: تحدٍّ أزلي”، و”الدين: بحوث ممهِّدة لدراسة تاريخ الأديان”، وهو خلاصة محاضراته في تاريخ الأديان بجامعة القاهرة، له ترجمة فرنسية بعنوان: “الناس في بحثهم عن الله: مقدمة في تاريخ الأديان”، وهذه الكتب الأربعة هي لباب فكره التي تغني عما سواها، وله كذلك “الميزان بين السنة والبدعة” الذي يعد امتدادًا لكتاب الاعتصام للشاطبي، و”دراسات إسلامية في العلاقات الدولية والاجتماعية”، و”نظرات في الإسلام”.
الفكرة من كتاب فيلسوف القرآن الكريم محمد عبد الله دراز: حياته وآثاره
عندما نتحدَّث عن الشيخ محمد عبد الله دراز فإننا نتكلم عن عَلَمٍ من أعلام المجددين المعاصرين، وعقلٍ من خيرة العقول المسلمة في القرن العشرين الذين لم ينالوا من الشهرة والانتشار ما يوازي مكانتهم العلمية والفكرية رغم أن أفكاره وكتبه لم تأتِ إلا بالطريف والجديد، وابتدع منهجية لم يسبقه إليها أحد من قبل في قضيتي مصدرية القرآن الكريم وعلم الأخلاق القرآنية، والمثير في حياة الشيخ دراز أنه من أولئك الذين درسوا في الغرب سنوات طويلة، فما رجع كغيره ناقمًا على الشرق وتراثه أو ظل متصلبًا على أفكاره فلم يستفد من علوم الغرب شيئًا، بل هضم علوم الغرب ووعاها أصولًا وفروعًا، ثم نقدها بقوة في عقر دارها مستمدًّا العون من ثقافته الشرعية الواسعة وعلمه الغزير الناصع؛ فأثار إعجاب الغربيين قبل أن يسمع به أبناء جلدته!
مؤلف كتاب فيلسوف القرآن الكريم محمد عبد الله دراز: حياته وآثاره
محمد بن المختار الشنقيطي: باحث أكاديمي وناشط سياسي ومؤلف موريتاني، وُلد سنة ١٩٦٦، يعمل أستاذًا مشاركًا في الأخلاقيات السياسية وتاريخ الأديان في جامعة حمد بن خليفة، وحصل على درجات علمية في الفقه والترجمة وإدارة الأعمال، وله إسهامات عن الربيع العربي والحضارة الإسلامية والحداثة الإسلامية، وتُرجمت مؤلفاته ودراساته إلى عدد من اللغات من بينها التركية والألبانية والفارسية.
من مؤلفاته:
– الخلافات السياسية بين الصحابة.
– البحث عن دين الفطرة.
– خيرة العقول المسلمة في القرن العشرين.