مكونات التاريخ الثقافي
مكونات التاريخ الثقافي
يناقش الكاتب اثنين من المكونات الثقافية التي تؤثر في الثقافة وفي عمر الإنسان الثقافي التاريخي؛ هما: الحكمة التي تنشأ عن إدراك الموت، وتتعلق بالماضي المتمثل في الآلهة، والأديان، والمؤلفات العلمية والأدبية، والعبقرية وهي قدرة الإنسان على الإبداع والابتكار والاكتشاف، وتتطلع العبقرية إلى المستقبل والحداثة.
بينما الثقافة هي موروثات الأجداد أو المكان الذي يسكنونه، سواء كان في العادات والتقاليد أو المعتقدات أو القوانين والذكريات، تتشكل مهمة الحكمة في نقل هذه الموروثات إلى الأجيال القادمة، وتمنحهم بذلك عمرًا ثقافيًّا يتخطى العمر البيولوجي، وتقاوم العبقرية الثقافة عن طريق تعديلها المستمر على تراث الحكمة، فتصبح مهمة الحكمة أصعب عند وراثة هذا التاريخ المتشعب والمعقد.
قد يبدو أن الاثنتين متعارضتان ولكن الحقيقة خلاف ذلك، إن العبقرية والحكمة مترابطتان ومتداخلتان بشكل ما، وهذا الترابط هو العامل الرئيس في ازدهار الثقافات، ففي جوهر العبقرية حكمة تسمح للعبقرية بالتقدم دون استهلاك نفسها في تكرار الاختراعات نفسها، وفي داخل الحكمة عبقرية تمكنها من تجديد الماضي بطرائق مبتكرة في الوقت نفسه الذي تحافظ فيه على استمرارية حلقات موروثات العبقرية المتشعبة.
أحدث العدد الخرافي من الاختراعات الجديدة طوال العقدين الماضيين تغييرًا هائلًا في تاريخ الغرب، ولا يوجد أي شيء في تاريخ البشرية يمكن أن يقارن مع حجم هذا التغيير، ومن ثم لا يمكن لأحد معرفة مدى مقدرة الإنسان على التكيف مع هذا التقدم المتسارع، أو إن كانت الحكمة ستتمكن من المحافظة على ديمومة ذاكرة الثقافات، لأن التكدس المعرفي والمعلوماتي -الذي تخلقه العبقرية عن طريق هذه الاختراعات- يؤدي إلى تفلت الموروثات الأساسية للثقافة، ويثمر ذلك في النهاية خلق تصدعات دورية في التسلسل الثقافي للحضارة، وبذلك ينفصل الإنسان عن ماضيه.
ويمكن للحكمة تفادي حدوث ذلك من خلال المحافظة على استمرارية اتصال الثقافة بإرثها من الماضي عن طريق تعاونها مع العبقرية لإحداث ثورات امتداد الطفولة.
الفكرة من كتاب الشباب: العمر من منظور التاريخ الثقافي
تفيض ظاهرة العمر في الحضارة الغربية على ظاهرة جديدة مثيرة للتساؤل، وهي بروز اختلافات عظيمة بين صاحب الأربعين عامًا اليوم وصاحب الأربعين عامًا من قرنٍ مضى، وحتى من عقدٍ مضى، بل ويمكننا القول من خمسة أعوام، ومع أن صاحب الأربعين اليوم هو نفسه صاحب الأربعين بالأمس من الناحية البيولوجية والتطورية، فكيف تتخطى هذه الاختلافات العميقة الهيئة الشكلية إلى السلوك، وأسلوب الحياة، والرغبات؟ ما السر؟
يحاول الكاتب اكتشاف السر من خلال البحث في التاريخ الثقافي للعمر، مع عرض مبسط لأعمار الإنسان المختلفة. وبالحديث عن العمر، كم عمرك؟ لك كل الوقت في التفكير! لأن الإجابة ليست سهلة أبدًا!
مؤلف كتاب الشباب: العمر من منظور التاريخ الثقافي
روبرت بوغ هاريسون: يعمل أستاذًا للأدب الإيطالي في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا، حصل على الدكتوراه في الدراسات الرومانسية من جامعة كورنيل، لديه بودكاست بعنوان (Entitles Opinions about life and literature) يشارك فيه لمحات من الحياة والأدب وما بينهما، ألف عددًا من الكتب، أهمها:
Forests: The Shadow of Civilization
Gardens: An Essay on the Human Condition
The Dominion of the Dead
معلومات عن المترجم:
شحدة فارع: يعمل أستاذًا في قسم اللغويات الأجنبية في جامعة الشارقة، حصل على دكتوراه في اللغويات من جامعة كانساس، كما عَمِل أستاذًا في قسم اللغويات والترجمة في الجامعة الأردنية، من ترجماته:
“الطفل السعيد: تغيير جوهر التعليم”، لستيفن هاريسون.
“البحث الاجتماعي”، لسوتيريوس سارانتاكوس.
“التعليم العالي في مجتمع متعلم”، لجيرولد آبس.