مكانة بلال عند الصحابة
مكانة بلال عند الصحابة
وكان من أشد صفاته الصدق، حتى أن الصحابة كانوا يعودون إليه في شؤون مواعيد الصلاة والصيام والإفطار، ومن الطريف أيضًا في صدقه لما طلب منه أخوه في الإسلام -أبو رويحة- أن يأتي معه ليتقدَّم للزواج عند قوم من أهل اليمن، فأتى بلالٌ ولم يزد على قول: “أنا بلال بن رباح، وهذا أخي أبو رويحة، وهو امرؤٌ سوءٍ في الخُلق والدين، فإن شئتم أن تزوِّجوه فزوِّجوه، وإن شئتم أن تدعوا فدعوا”، فوافقوا وزوَّجوه.
ولقد عُرِف أيضًا عنه حب الراحة والضيق بالجهد الشديد، ولعل آخر ما يُروى من أعمال بلال هو لما أمره الفاروق بسؤال خالد بن الوليد عن مصدر المال الذي وهبه خالد لبعض الشعراء أمِنْ ماله أم مالِ المسلمين، فنزع بلال عمامة خالد الذي لم يمنعه، وأجابه خالد أنها من ماله، وقال: “نسمع ونطيع لولاتنا ونفخِّم ونخدم موالينا”.
هنا نصل إلى الأذان، وتجب الإشارة إلى أنه لم يكن معروفًا في أول الإسلام، وأنه لما صُرفت القبلة إلى الكعبة حدث أن حكى عبد الله بن زيد للنبي (عليه السلام) ما رآه في المنام لما أتاه رجل وقال له صيغة الأذان، فقال له النبي: “قُم مع بلال فألقِ عليه ما قِيل لك”، وقد جاء الفاروق عمر أيضًا إلى النبي فقصَّ عليه منامًا يشبه ذلك المنام، ليصبح الأذان بالهيئة التي نعرفها الآن، كما أن بلالًا -بعد موافقة النبي- قد زاد عليه في أذان الصبح “الصلاة خيرٌ من النوم”.
ولا يوجد اختلاف في صيغة الأذان تلك بين الطوائف الإسلامية إلا أن الشِّيعة يضيفون “حي على خير العمل”، ويردِّد المالكية التكبير مرتين بدلًا من أربع مرات، والاتفاق في أن للمؤذن صفات وقواعد أولاها حفظ كتاب الله.
الفكرة من كتاب داعي السماء.. بلال بن رباح “مؤذن الرسول”
لكلِّ صحابيٍّ جليلٍ قصته في إسلامه التي جعلته رمزًا للمسلمين، لكن بلال (رضي الله عنه) كان أمره مختلفًا، ولعلَّ ما قد قوي به بعض الصحابة هو قبيلتهم التي لم تكن ترضى استباحة دمهم ولو تركوا الوثنية واتجهوا إلى الإسلام، لكن بلالًا لم يكن له أحد، بلى ولكن كان معه الواحد الأحد.
أراد العقاد أن يختلف هذا الكتاب عن سلسلة العبقريات، فخصَّصه لدراسة متعمِّقة في العنصرية وتاريخها وبشكل خاص الجنس الأسود “الزنجي”، وذلك قبل أن يبدأ في تاريخ هذا الصحابيِّ الجليل الذي صاحَبَ النبيَّ في كل خطوةٍ، وكانت آخر كلماته “غدًا نلقى الأحبة”.
مؤلف كتاب داعي السماء.. بلال بن رباح “مؤذن الرسول”
عباس محمود العقاد: هو أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب بمصر، يُعتبر أحد أبرز كُتَّاب القرن العشرين في مصر، وأحد الموسوعيين الذين قرأوا في مختلف العلوم الإنسانية، كما أثرى المكتبة العربية بأكثر من مائة كتاب في مجالات متنوِّعة، ومن أهم مؤلفاته:
سلسلة العبقريات.
هتلر في الميزان.
التفكير فريضة إسلامية.