مقام عائشة (رضي الله عنها) في قلب رسول الله
مقام عائشة (رضي الله عنها) في قلب رسول الله
أم المؤمنين الصديقة عائشة (رضي الله عنها)، هي الآن زوجة رسول الله، تخيَّل معي هذا البيت الطيِّب المُبارك، رسول الله خير الرجال، وأم المؤمنين خير النساء، فكيف هو الحال إذًا؟ كيف هو الجمال والجلال في هذا الزواج؟ إنها رحمة الله بعباده، إنها رحمة الله حين رزقنا معرفة أخبار هذا البيت الطيِّب المُبارك.
لقد عُرفت عائشة (رضي الله عنها) بين صحابة رسول الله بأنها أحبُّ الناس إليه، فقد كانوا يتحرَّون تقديم هداياهم في يوم عائشة، يبتغون بذلك مزيدًا في مرضاة رسول الله، وحتى عندما كبرت سودة (رضي الله عنها) أهدت يومها إلى عائشة (رضي الله عنها)، لأنها تعلم حب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لها، وحينما سأله عمرو بن العاص (رضي الله عنه): يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أحبُّ إليكَ؟ فقالَ: عائشةُ!
وفي يومٍ ما في المدينة المنوَّرة دخل الأحباش المسجد يلعبون، فسألها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا حُميراءُ، أتُحبِّينَ أن تنظري إليهم؟ فقالت: نعم، ومناداته (صلى الله عليه وسلم) لها بـ”حُميراء” لأنها كانت بيضاء بشقرة، وهذا نادرٌ في العرب.. فلما جاءت (رضي الله عنها) لترى الأحباش، جعلت ذقنها على عاتق رسول الله، وأسندت وجهها إلى خدِّه، فلما مر الوقت قال لها رسول الله: “حسبُك” فقالت: يا رسول الله لا تعجل، وذكرت (رضي الله عنها) أن سبب قولها ذلك لم يكن حُبَّ النظر إلى الأحباش، ولكنها أحبَّت أن تعلم النساء مقامه (صلى الله عليه وسلم) لها، ومكانها منه.
وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحتضنها ويُقبّلها، حتى وإن كان صائمًا، وإن كانت هي حائضًا (رضي الله عنها)، وكان (صلى الله عليه وسلم) يسير معها ليلًا ويتحدَّث إليها، وكان يُعلِّمها ويدعو لها.
الفكرة من كتاب المُبرأة عائشة حبيبة حبيب الله
قد يهرب الإنسان إلى كثيرٍ من الأشياء ليخرج قليلًا من شدَّة الحياة، ولكن أجمل هؤلاء الذين يهربون إلى أشياء تدفعهم مرَّة أُخرى إلى الحياة، تدفعهم بلهفةٍ وشوق، تدفعهم بكُل حُبٍّ وعطاء، بكل اطمئنان وسرور، وأكثر الأمور التي تُعيد إلى الإنسان تلك الروح، أن يحيا بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابتِه، والأجمل أن يشعر بدفء بيت رسول الله، أن يحيا مع قلب أمِّه عائشة (رضي الله عنها)، فيعرفها قبل أن يراها، ويعرف كيف كانت (رضي الله عنها) تملأ حياة رسول الله بالجمال والبساطة، وكيف كانت لها (رضي الله عنها) تلك المكانة الجليلة في قلب رسول الله.
مع كتابنا ننطلق معًا في زيارة لأمِّنا عائشة (رضي الله عنها) لنعرف المزيد عنها، وعن حياتها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب المُبرأة عائشة حبيبة حبيب الله
مؤيد عبد الفتاح حمدان: أستاذ الفقه الحنفي في جامعة العلوم الإسلامية العالمية، ومن مؤلفاته: “القرآن الصاحب الوفي”، و”أوراد أهل السنة والجماعة”، و”رمضان كما عاشه النبي”.