مقاطعة إسرائيل

مقاطعة إسرائيل
بدأت مقاطعة الدول العربية لإسرائيل من عام 1910، منذ بدأت هجرة اليهود إلى فلسطين، وفي عام 1922 تشكلت لجان فلسطينية لمقاطعة سلع المستوطنين عندما بدأ الانتداب البريطاني يمهد لبناء إسرائيل. وفي مؤتمر «بلودان 1937» في سوريا، اتفق العرب على مقاطعة السلع البريطانية إذا قُسِّمَت فلسطين بين العرب واليهود، وفي عام 1945 بدأت المقاطعة تأخذ شكلًا رسميًّا مع توصيات جامعة الدول العربية بضرورة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وأنشأت في عام 1951 جهاز المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل في دمشق، وكانت المقاطعة على ثلاثة مستويات، أولها مقاطعة مباشرة للسلع والخدمات الإسرائيلية، والمستوى الثاني مقاطعة الشركات الأجنبية التي تدعم إسرائيل، والمستوى الثالث مقاطعة الشركات التي تتعامل مع الشركات في المستوى الثاني.

وقد أصاب المقاطعة ضعف وتراخٍ بعدها، لكنها كبدت إسرائيل خسائر كبيرة، فيذكر المكتب الرئيس للمقاطعة العربية بدمشق أنها بلغت 90 مليار دولار من عام 1945 إلى عام 1999، مع أن إسرائيل تنُكِر ذلك وتعترف بمبلغ آخر قدره 45 مليار دولار، ويظل أيضًا خسارة كبيرة، كما لَحِق الضرر بالولايات المتحدة إذ عَوَّضَت إسرائيلَ آنذاك بأكثر من مئة مليار دولار. ويذكر المكتب الرئيس للمقاطعة العربية أن ألفًا وثمانمئة وخمسًا وستين شركة تراجعت علاقتها مع إسرائيل في ذلك الوقت وصرحت بأنها خسرت كثيرًا بسبب المقاطعة.
وقد رأت فرنسا أن هذه المقاطعة عنصرية تخالف قوانينها التجارية، ومنع البرلمان الهولندي الشركات الهولندية من إصدار شهادات المنشأ التي تطلبها الدول العربية لتتأكد أن المواد الأولية المستخدمة في السلع ليست من إسرائيل، وأصدر الكونجرس الأمريكي في عام ١٩٥٩ تشريعات تمنع المشاركة أو الموافقة على سياسات المقاطعة العربية لإسرائيل، وفي عام ١٩٧٧ أصدر قانونًا يجعل المشاركة في المقاطعة عملًا إجراميًّا.
الفكرة من كتاب المقاطعة الاقتصادية: سلاح الشعوب
تمثل العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الشعوب ضرورة كبيرة للمجتمعات الإنسانية، وقد تطورت تلك العلاقات عبر التاريخ حتى أخذت شكل النظام الاقتصادي الحالي في ظل العولمة، ما يجعل الإضرار بشركاتٍ تابعة لدولة معينة يؤثر في عجلة الاقتصاد فيها، مما قد يدفعها إلى تغيير مواقفها السياسية وغيرها، والمقاطعة الاقتصادية معروفة منذ قديم الزمان على أنها وسيلة لإضعاف الخصوم، أو تعبير سلمي عن رفض لمواقف شعب أو حكومة في بلد آخر.
وفي السنوات الأخيرة تكررت دعوات المقاطعة في بلادنا، فما تاريخ المقاطعة الاقتصادية؟ وهل هي نافعة حقًّا؟ وكيف هي نظرة الشريعة الإسلامية إليها؟ وما الذي يعوقها عن تحقيق أهدافها؟ هذا ما نحاول أن نجيب عنه مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب المقاطعة الاقتصادية: سلاح الشعوب
عرابي عبد الحي عرابي: باحث سوري تركي، ولد بحلب عام ١٩٨٥، ونال الإجازة في الدراسات الإسلامية من كلية الشريعة في جامعة دمشق في عام 2009، وحصل على الماجستير في علم الكلام من جامعة «تراكيا | Trakya» في عام 2017، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة «تشاناكالي | Çanakkale» عام 2023، وله دراسات تخصصية في الفلسفة وعلم الكلام والشؤون السياسية والفكرية، وعمل مديرًا علميًّا لمؤسسة السبيل.