مفهوم القوة في القرآن الكريم
مفهوم القوة في القرآن الكريم
لقد استُخدِم مفهوم القوَّة على نحو كبير على مر العصور، ولكن كان المعنى الذي تم التركيز عليه هو: القوة الماديَّة، ولكن الإسلام يضع تعريفًا أكثر شموليَّة لمعنى القوة، ويمكننا الكشف عن ذلك عن طريق الآيات والأحاديث النبوية، ففي قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ كان تعريف القوة كما وضحه قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “ألا إنَّ القوَّةَ الرَّميُ ألا إنَّ القوَّةَ الرَّميُ ألا إنَّ القوَّةَ الرَّميُ”، يكون المعنى الظاهر هو القوة المادية، لكن الشيخ السعدي عرَّف القوة المقصودة هنا: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية مما يعين على قتال العدو، فكلمة “قوة” هنا جاءت نكرة، لذلك هي تشير إلى كل أنواع القوة وأشكالها وأساليبها.
وفي قوله تعالى ﴿أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ هنا القوة المطلقة التي تفوق خيال البشر، وأن كل ما يحصل عليه العبد المؤمن من قوة هو فضل ونعمة عظيمة من الله القوي العزيز، لذلك يتميَّز المؤمنون بأنهم يأخذون بالأسباب لكنهم يطلبون القوة من الله، فهي أمَّة تنفذ أمر ربها بإعداد القوة لكنها لا تعبد تلك القوة، بل تعبد الله (عز وجل) الذي بيده كل قوة.
فلم يدخل المسلمون أي معركة طوال تاريخهم وهم أكثر عدَّة وعددًا، ولكنهم حققوا انتصارات عظيمة، لأنهم دخلوا المعارك وهم يؤمنون أن القوة لله جميعًا، حتى بعد الهزيمة في غزوة أُحد قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، فقوة الإيمان هي التي تحمي المؤمنين من الهزيمة النفسية، أما الهزيمة المادية فإنها بالإصرار والجهد قد تُسترد، لذلك كلما تعلَّق القلب بالله زادت قوَّته، وكلما زاد يقينه في قوة الله زاد إيمانه بأن الله قادر على تحقيق وعده للمؤمنين، يقول تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
الفكرة من كتاب القرآن مصدر قوَّة الأمة
تتصارع الأمم لتكون هي القوَّة الأولى في العالم، فتوظف الأمَّة كل القوى لتحقيق ذلك المطلب، ولكن بين كُل القوى التي توظفها، هناك قوَّة مركزية حقيقية غائبة عن الأمم، ولا توجد إلا في الأمَّة الإسلامية، وهي القوة التي يبنيها القرآن الكريم على نحو مُميَّز في نفوس المؤمنين العاملين بالقرآن، فالقرآن مصدر القوَّة للأمة وهو الذي سيوحدها مرة أخرى، ويعيد إليها وظيفتها الحضارية ودورها العالمي، وفي هذا الكتاب تمهيد لهذه المرحلة عن طريق تصحيح المفاهيم وإعادة ضبط البوصلة.
مؤلف كتاب القرآن مصدر قوَّة الأمة
سليمان سالم صالح، مصري الجنسية، وُلد سنة 1959 في محافظة شمال سيناء، أستاذ الصحافة والإعلام الدولي بكلية الإعلام جامعة القاهرة، حصل على درجة الدكتوراه في الإعلام، وشغل منصب أستاذ الاتصال الجماهيري بجامعة قطر قسم الإعلام والمعلومات، ثم جامعة الشارقة كلية الاتصال، وحصل على جائزة أفضل بحث علمي عن التلفزيون التعليمي وآفاق المستقبل من جامعة قطر سنة 2006.
من مؤلفاته:
نظريات القيادة
وسائل الإعلام والرأي العام.
وسائل الإعلام وإدارة الصراع العالمي.
الأسس العلمية لإعداد قادة المستقبل.