مفهوم الفرح
مفهوم الفرح
جاء مصطلح أو فعل فَرِحَ في اللغة على ثلاثة أحرف: الفاء والراء والحاء، ويأتي بعدة أوجه مثل فَرِحٌ، وفَروحٌ، وامرأة فَرِحة، وأيضًا المفراح أي كثير الفرح، والفرح هو السرور ونقيض للحزن، وتعريفه اللذة عند الجرجاني والبغوي، أما عند ثعلب والراغب فهو انشراح الصدر، أما في القرآن الكريم فيأتي على أوجه ثلاثة حسب تقسيم يحيى بن سلام (رحمه الله): الوجه الأول وهو بالمعنى المتبادر إلى الذهن أي الفرح نفسه، وقد ذكر الأصفهاني أن أكثر أوجه الفرح في القرآن تعني اللذات الدنيوية، والوجه الثاني قد يأتي مكروهًا كما ذكره الله في كتابه قال: ﴿لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾، وكان عن قوم قارون أن فرحهم هنا مذموم لأنه بطر وشر، والوجه الثالث بمعنى الرضا كما جاء في قوله تعالى: ﴿فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾، أي رضوا بما عندهم.
وهناك أيضًا عدة مرادفات للفرح منها السرور والمسرة، وقال الجوهري فيها إن السرور نقيض الحُزن، والاستبشار وزنًا ومعنى مثال بَشرَ أي فَرحَ، وذكر الزمخشري عنها أن الاستبشار هو أن يمتلئ قلبه سرورًا حتى تنبسط له بشرة وجهه ويتهلل، والضحك وهو من آثار الفرح، والسعادة وهي عكس الشقاوة، وانشراح الصدر لأن مُنشرح الصدر يشعر بالفرح على عكس ضيق الصدر، واللذة لأنها عكس الألم، والحياة الطيبة لأن بها لذة، وقرة العين لأن أهل اللغة قالوا قرَّت عينه، أي خرج الدمع البارد بسبب الفرح، والمرح وهو شدة الفرح والنشاط، ومن الممكن أن يتجاوز الحد، لذا عُرف بالتبختر، وأيضًا عُرف بالنقيض وهو الشر، وهذا يدلنا على أن الفرح أنواع؛ مذموم ومحمود، وللفرح دوافع تؤثر في النفس فتحوله إلى سلوك يمارسه الشخص، وذلك لأن الدافع هو المحرك الداخلي للإنسان، أما النفس فهي جوهر الإنسان ولو دُمجا معًا لأعطيا مصطلحًا عامًّا في علم النفس يُسمى “دافع الإنسان”، أي التفكير أو التذكر أو العقل، أما السلوك فهو نشاط ناتج عن استجابة لدافع داخلي ويتحرَّك لإرضاء غاية ما عند الإنسان، لذا فالفرح دافع وأثر يكُوِّن استجابة سلوكية عند الشخص.
الفكرة من كتاب الفرح في القرآن الكريم (دوافعه النفسية وآثاره السلوكية)
من أهم العلوم التي شغلت البشرية على مدار التاريخ القديم والمعاصر، هي معرفة طبيعة النفس البشرية، لكي يتم فهمها وتقويمها ولحماية الإنسان، وبخاصةٍ فهم الانفعالات البشرية من مشاعر مثل الحُزن والخوف والحُب والفرح، ولأن الإنسان يحيا حياته بتلك الانفعالات الكثيرة المتناقضة، ويقضي عُمره في البحث عن انفعال أساسي وهو (الفرح)، ويهرب من الحزن والهم، ولأنه في رحلة حياته بهذه الطريقة لا يعطي لأفراحه ولا أحزانه حجمها الطبيعي حتى تنعم حياته بتوازن طبيعي قد فطره الله عليه، فقد استند الكاتب هنا في كتابه عن مفهوم الفرح المحمود والمذموم في القرآن الكريم، ودوافعهما النفسية، وآثارهما السلوكية في حياة الإنسان.
مؤلف كتاب الفرح في القرآن الكريم (دوافعه النفسية وآثاره السلوكية)
يوسف علي حسن بدر: أستاذ في التفسير، وإمام وخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت.