مفهوم الثقافة وتاريخها
مفهوم الثقافة وتاريخها
استخدم العرب مصطلح الثقافة قديمًا بمعنى الحذق والمهارة وجودة الفهم والفطنة والإدراك، وتتعدَّد المفاهيم الاصطلاحية للثقافة، ويُعد التعريف المختار هو: مجموع مركب من أمور معنوية ومادية، مصبوغة بصبغة معينة، توجِّه السلوك البشري في مجتمع ما، فالمعنويات مثل الفكر والتشريعات والأنظمة والأدب والفن واللغة، والماديات مثل: أنماط العيش وطرائقه من زواج ومأكل وملبس وترفيه وعادات وتقاليد، وتُصبغ الثقافة بصبغة العقيدة النابعة منها؛ فالثقافة الإسلامية تستمد تصوراتها وقيمها وأنظمتها من الإسلام، فالترابط الأسري ومراعاة كبار السن من ثقافة المجتمع المسلم، بينما عكس ذلك يُعد واقعًا في الثقافة الغربية.
والبعض يعد الثقافة هي الحضارة لأن الثقافة لا يمكن أن تتجلَّى إلا في إطار حضاري، كما أن الحضارة لا يمكن أن توجد إلا باعتبارها إنجازًا ثقافيًّا، والحضارة أعم من الثقافة، فالثقافة جزء من الحضارة، فالحضارة تتعلق بالأمور المادية، والثقافة بالأمور المعنوية كالتشريعات والأنظمة والجوانب الفكرية والروحية وعادات الشعوب وتقاليدها، أي إن الثقافة تُمثل القيم والمبادئ الراسخة التي تقوم عليها الحضارة، فكما قال علي عزت بيجوفيتش: “الحضارة استمرار للتقدم التقني المادي، والثقافة استمرار للتقدم الإنساني”.
أما العلم فالمقصود به معرفة الشيء على ما هو عليه، وليس هناك اقتران بين أن يكون المرء عالمًا في علم ما وبين كونه مثقفًا وهذا مشاهد معلوم، أما العلوم المتعلقة بالفكر والنظر كعلوم الشريعة والتاريخ والسياسة وغيرها فتتعلق تعلقًا واضحًا بالثقافة، والفرق بين الثقافة والعلم أن العلم هو أن تعرف كل شيء عن شيء، والثقافة أن تعرف شيئًا عن كل شيء، والمقصود بالكلية هنا كثرة المعرفة وثرائها وليست الإحاطة التامة، ويصعب أن يحدث ذلك في الوقت الحالي لاتساع المعارف وتشعب العلوم.
وأهم ما يُميِّز المثقف عن المتعلم، هو امتلاك الأول لرؤية شاملة للمجتمع الذي يعيش فيه، مع الوعي بالتناقضات الحاكمة لمسيرة ذلك المجتمع والوعي بمآلات وأخطار التغيرات البطيئة التي تزحف على أفكاره وأخلاقياته وسلوكياته، فالوعي الشامل لدى المثقف يمنحه سمة الريادة ويحمِّله مسؤوليتها في آن واحد، ويكمن خطر ضعف الثقافة على الشخص العالِم في كونه عرضة للخطأ والوهم أكثر من مثيله واسع الثقافة.
الفكرة من كتاب الثقافة الآمنة
كَثُر في الآونة الأخيرة الحديث عن الثقافة، وقُسِّم الناس إلى مثقفين وغير مثقفين، ومُجِّد المثقفون عن غيرهم، وأصبحت المجتمعات تُوزن بقدر ما فيها من المثقفين وبمقدار ما ينتشر فيها من الثقافة، كل ذلك دون وجود مقياس واضح أو تعريف محدد لمصطلح “الثقافة”.
وفي هذا الكتاب يستعرض الكاتب مفهوم الثقافة، وآليات التحصيل والبناء، ومن يكون المثقف، وما عقبات انتشار الثقافة، وسنتناول ذلك بشيء من التفصيل.
مؤلف كتاب الثقافة الآمنة
محمد بن موسى الشريف: داعية إسلامي سعودي، وطيار، وكاتب، وباحث في التاريخ الإسلامي، ومتخصص في علم القرآن والسنة، وُلد في جدة عام1961م، جمع بين عدة أعمال، فإضافةً إلى كونه طيارًا مدنيًّا، فقد تمكَّن من إكمال الدراسة الأكاديمية الشرعية وحصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وحفظ القرآن الكريم وأجيز في القراءات العشر، واعتقلته السلطات السعودية في أكتوبر 2017م.
له العديد من المؤلفات منها: “المرأة الداعية”، و”عجز الثقات”، و”مقياس العمل المؤثر”، و”الأمن النفسي”، و”التنازع والتوازن في حياة المسلم”، و”ظاهرة التهاون في المواعيد”، و”كيفية قراءة التاريخ وفهمه”، و”اللطائف والنوادر”، و”ذكريات طيار”.