مفاهيم عامة للسفسطات
مفاهيم عامة للسفسطات
في كل المغالطات يجب عليك أن تعلم متى تكون هذه الفكرة مغالطة، ومتى لا تكون مغالطة، وتعرف مثالًا أو أكثر حتى يمكنك إسقاط هذه المغالطات بعد ذلك على مواقف أخرى، فعليك أن تعلم أن المغالطات في النهاية هي أشكال متكررة، تأتي بصيغ مختلفة، ومن هنا ندرك أنه لا سبيل لإتقان هذه الأنماط من إدراك الأخطاء بغير تدريب.
ولنضرب مثالًا بسفسطات تعد من أمهات المغالطات المشهورة، مثل مغالطة تجريح الشخص، فكم مرة كنت على وشك الانتصار في نقاش، ثم يتحول الأمر إلى تحويل مناظرك دفة الحديث من الإطار الموضوعي إلى الإطار الشخصي؟! هذه هي مغالطة تجريح الشخص أو الشخصنة، فهي شيء أشبه بمحاولة القدح في الشخص لقتل الفكرة، أو كما يقال: قتل الرسول بدلًا من تفنيد الرسالة، وقد تتم هذه المغالطة بسب الشخص، أو التعريض بظروفه الشخصية، أو الحديث عن أنه أيضًا يفعل ذلك، أو ما يعرف بتسميم البئر، وسب الشخص والتعريض بظروفه أمران لا يحتاجان إلى توضيح.
أما مغالطة “أنت أيضًا” فربما تحتاج إلى بعض التوضيحات لانخداع الجماهير بها، فقد يعترض على فكرة ما لأن قائلها يفعل ما ينهى عن فعله، فلا يقبل ابنٌ مدخن نصيحة أبيه لأنه يدخن، وغاية الأمر أن يكون الأب منافقًا، أو يفعل ذلك من قبيل اتباع الهوى، أو اضطرارًا إلى التدخين، أو نتيجة ظروف عاصرها صغيرًا أوصلته إلى ما هو عليه الآن، أو هو يحاول أن يتوقف ولكـنه بعد أن دخل بقدميه لا يستطيع التفلُّت، وعلى أي حال فليس هناك أي منطق في رفض الفكرة لأن صاحبها لا يلتزم بها، فهذا شيء خارج عن الفكرة، أما مغالطة تسميم البئر فهي تعني أن يعمد الشخص إلى القدح في مناظره قبل أن يتحدث، مما يجعل الجمهور يرفض كل أو جل كلامه لأنه لا يعتبر محلًّا للثقة.
الفكرة من كتاب الحِجَاج والمغالطة
خطيب مفوَّه قادر على هزيمة متخصِّص في الطب أو الهندسة أو الفلك، حتى لو كان مدار النقاش في تخصُّص هؤلاء جميعًا، والرد على مغالطات منطقية هنا وهناك، من كذب ودجل ومعلومات خاطئة، فكيف يمكن للإنسان أن يفكر في عالم اليوم، وسط كل هذا الكم المختلف المضطرب المتناقض من البيانات والمعلومات المتناثرة يمينًا ويسارًا؟ كيف يمكن أن تضع قدمك على بداية طريق التعلم والمعرفة، وكيف تتخلَّص من مرحلة الشك، وما سبيلك إلى أول قدم من سلم اليقين، هذا ما يحاول كاتبنا الإجابة عنه في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الحِجَاج والمغالطة
رشيد الراضي: كاتب مغربي، ولد في 20 مايو 1974، ودرس الفلسفة في مدينة أصيلة، ودرس مادة علوم التربية في المركز التربوي الجهوي بمدينة سطات المغربية، يحمل إجازة في الفلسفة من كلية الآداب جامعة الملك محمد الخامس في الرباط، ودبلوم الدراسات العليا في مناهج المنطق.
من أهم كتبه: المظاهر اللغوية للحجاج: مدخل إلى الحجاجيات اللسانية.