معوِّقات الانضباط الذاتي
معوِّقات الانضباط الذاتي
ذكر الكتاب أمورًا قد تعوق الانضباط الذاتي، ومنها: تدليل الوالدين، والنزوع إلى الكمال، والشعور بالدونية، والبرمجة السلبية.
فالمعوق الأوَّل؛ تدليل الأوَّل قد يحدث نتيجة ظروف معينة تدفع الوالدين -وخصوصًا الأم- إلى الإفراط في التدليل، أو يكون سبب التدليل هو الثراء المادي، فيتوافر للطفل الخدمة ويُقدِّم له ما يطلب دون رفض، والطفل الذي اعتاد تلبية رغباته بشكل مستمر دون كفاح أو تعب للوصول إليها يكون من الصعب عليه ضبط ذاته من خلال المجاهدة والمكابدة، كذلك يضعف لديه الشعور بالمسؤولية، ولهذا فإنه ليس من إكرام الطفل تلبية جميع رغباته، بل إكرامه تعليمه معنى المواجهة والسعي.
أما عامل “النزوع إلى الكمال” فهو في ظاهره قد يبدو شيئًا جيِّدًا، ولكنه في حقيقته يُعجِز صاحبه، ويبقى في تردُّد وحيرة واضطراب، فالرؤية بالنسبة له إما أسود وإما أبيض، ولهذا يرفع يده مباشرةً بمجرد تغير شيء بسيط.
أما الشعور بالدونية فيقصد به الكاتب أن الإنسان إن شعر ببعض النقص حوَّل هذا الشعور إلى مؤثر في السلوك، فيمتنع من مخالطة الناس والتعلُّم منهم بمجرد شعوره بنقص ما.
وأخيرًا “البرمجة السلبية”، فكما ذكرنا أن الإنسان مُبرمج من خلال عاداته، فكل واحد منَّا لديه برمجة خفيَّة بداخله، وتبدأ عملية البرمجة تلك منذ السنوات الأولى من خلال الأصحاب والأهل والمدرسة، كل تلك الأمور تبرمج في الإنسان بعض المعاني والأفكار، والتي لا بد أن يتخَّلص من السلبي ويُعزِّز الإيجابي منها، والعقل البشري في الغالب يميل إلى السلبي وتذكُّره، لذا لا بد من المجاهدة والبحث والتفكير في الأمور الإيجابية التي أثرت في حياتنا.
وقد تأتي البرمجة السلبية من خلال الخبرة الذاتية، حيث يمر الإنسان ببعض التجارب فيخفق فيها، فيتكوَّن لديه اقتناع أنه غير نافع، ولا بد من أن يخرج الإنسان من هذه الفكرة، وأن يرى أن كل تلك الأمور كانت تُعلِّمه وتصنعه.
الفكرة من كتاب الانضباط الذاتي
طالما تحدَّثت كُتب التنمية الذاتية عن أهمية ضبط الذات، وأن يكون الإنسان قادرًا على التحكُّم بأفعاله، وفي الغالب يكون غرض هذا النجاح نجاحًا دنيويًّا، وبلا شك هو أمر ضروري، ولكن ما ميزان “الانضباط الذاتي” في غاية وجود الإنسان في هذه الحياة؟
إن قيمة “الانضباط الذاتي” تتضح أهميتها ودورها الكبير إذا ما ارتقى الإنسان بغايته من الحياة، والإسلام جعل غاية الإنسان تحقيق العبودية لله (عز وجل)، لذا فإننا باعتبارنا مسلمين سندرك أهمية قيمة الانضباط الذاتي بشكل أوسع وأهم من أي شخص آخر، فالحياة تشبه المعركة التي لا بد أن نخوضها، والانتصار الأوَّل والأكبر في هذه الحياة هو الانتصار على النفس، وحينما ينتصر الإنسان على نفسه فإنه يتحرَّر من استبعاد العادة والهوى، ويبقى حُرًّا طالما بقي حيًّا.
مؤلف كتاب الانضباط الذاتي
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: كاتب سوري وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود، يعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، حصل على درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة.
ألَّف العديد من الكتب، منها: “تكوين المفكر”، و”طفل يقرأ”، و”القراءة المثمرة”.