معنى الدعاء
معنى الدعاء
جاء في لسان العرب لابن منظور أن دعا أصل المصدر (د ع و)؛ أي دعا الرجل دعوًا ودعاء أي ناداه، وفي مقاييس اللغة لابن فارس دعوت الشيء أدعوه دعاءً، وهو أن تُميل الشيءَ إليك بصوت وكلام يكون منك، أما حقيقة الدعاء فهي مبنية على التضرُّع إلى الله عز وجل وقدرته، وتبرؤ العبد من حوله وقوته الضعيفة إلى حول وقوة الله، فمذلة العبد لربه وتضرُّعه مذلة وعبودية تامة وثناء على الله بحمده وشكره على فضله وكرمه على عباده رغم تقصيرهم، فكرم الله تعالى لا يُعادله كرم على وجه الأرض كلها، فالحمد لله أن الله عز وجل ربُّنا نلجأ إليه ويسمع نجوانا، ويكشف عنا بلاءنا ومصائبنا رغم ما فينا، فهو مُطلع على القلوب لا يعجزه شيء في الأرض ولا السماء وهو أهل للشكر ولا نحصي ثناءً عليه.
يقول النبي (ﷺ): “الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض”، إن الدعاء له فضل في رفع البلاء والضرُّر عن المسلم، فلا يرد القدر إلا الدعاء، لذا فهو سلاح المؤمن وسلوانه في ابتلاءاته، فقد علق الله العبد بين الرجاء والخوف، وجعل الدعاء سببًا لتخفيف ابتلائه في الدنيا ومناجاةً له بين يدي ربه، يجد فيه تعزيةً وآمالًا مُحققة بقدرة الله ولطفه، فإن البشر يتعلقون بالأسباب المادية، وتخفيفًا عليهم في امتحانهم من ربهم جعل الله الدعاء عبادة وفيها وعد بالإجابة حين يرفع العبد طلبه ومناجاته إلى الله، فهو سبحانه العليم الحكيم لا راد لقضائه، يقول رسول الله (ﷺ): “مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ”، وحديث آخر عنه (ﷺ) أنه قال: “تعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّة”، وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) أن النبي (ﷺ) قال لعمه العباس: “أَكْثِرِ الدُّعَاءَ بِالْعَافِيَةِ”.
الفكرة من كتاب أثر الدعاء في دفع المحذور وكشف البلاء
يقول الله عز وجل في كتابه المُبين: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾، فالله خلقنا في أحسن تقويم، وألهمنا نفسًا سوية وفطرة سليمة، وهناك من يُزكي نفسه فيفلح، وهناك من يُدنسها بالخطايا والفجور فيخيب ويخسر، والنفس البشرية قائمة على فطرة الله فيها، ثم تنغمس في الحياة فتحتاج إلى تغذية وتزكية نفسية وروحية لترتقي، ومن أعظم هذه التغذية ووسائل الارتقاء الإيماني الدعاء، الذي قال فيه النبي (ﷺ): “الدعاء هو العبادة”، وفي هذا الكتاب يعرض لنا الدكتور محمد موسى الشريف أثر الدعاء في المسلم وأهميته في دفع البلاء، مُستدلًّا بالقرآن والسُنة ووقائع من سير الصحابة والصحابيات، ومن الأئمة السلف والتابعين بهدف تزكية النفوس والقلوب.
مؤلف كتاب أثر الدعاء في دفع المحذور وكشف البلاء
محمد موسى الشريف: كاتب وداعية إسلامي سعودي وإمام وأستاذ جامعي، وباحث في التاريخ الإسلامي، وطيار مدني أيضًا، فقد تمكن من إكمال الدراسة الأكاديمية الشرعية، وحصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وحفظ القرآن الكريم وأجيز في القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة.
له مؤلفات عديدة منها: “أثر المرء في دنياه” و”عجز الثقات” و”الطرق الجامعة للقراءة النافعة”، و”مصطلح حرية المرأة بين كتابات الإسلاميين وتطبيقات الغربيين”، و”ضوابط منهجية في عرض السيرة النبوية”، و”التنازع والتوازن في حياة المسلم”.