معضلة الشر والإلحاد
معضلة الشر والإلحاد
من المشكلات التي تحاول الأفلام الداعية للإلحاد التركيز عليها عاطفيًّا هي مشكلة وجود الشر والألم والمعاناة، فتجد مثلًا البطل يدعو الإله بعدما قاسى في رحلته فلا يستجيب له ولا يحقِّق ما يتمناه فتجده يفقد إيمانه بالإله كما في فيلم “The Grey”، ويتم تعميم ذلك وهذا ما يسمى -في المغالطات المنطقية- “مغالطة التعميم المتحيز”، إذ يعرض الفيلم حالة واحدة ويعمِّمها ويتغافل عن الكثير من الحالات التي قد يدعو فيها أصحابها ويستجاب لهم، وهنا يتم تمرير الإلحاد بمغالطة منطقية أخرى، وهي مغالطة “السبب الزائف”، مثل: “الله لم يستجِب لدعائي، إذن فالله غير موجود”، إذ إن هذا يوجب على الإله الاستجابة لـ”كل” أدعية البشر جميعًا حتى ولو كانت متناقضة عقليًّا، فقد يؤخِّر الله الإجابة كنوع من الابتلاء أو ليمحِّص الذين يؤمنون ويثبتون والذي يكفرون ويرتدُّون.
في النهاية لا تلازُم، فمسألة وجود الخالق من عدمه تُبحث بدلائل أخرى، لكن لو نظرنا إلى الاحتمالات العقلية لتبرير وجود الشر، فهناك أربعة احتمالات: الأول أن الخالق قد خلق الكون وتركه لذلك ظهرت الشرور؛ وهذا مستحيل عقلًا بالنظر إلى الدقة والنظام في الكون، والثاني أن الخالق يريد الخير لكنه لا يستطيع القضاء على الشر، وهذا مستحيل عقلًا، فالذي خلق الكون قادر على التحكم وبيده أسباب القضاء على أي شيء، والاحتمال الثالث هو أن خالق هذا الكون شرير يريد للشر أن يوجد فعلًا، وهذا مستحيل عقلًا لأننا نحن المخلوقين فينا شيء من الفطرة وركبت فينا النزعة نحو الجمال والكمال والخير، فيستحيل أن يغرس فينا هذه المعرفة وهو لا يملكها، ففاقد الشيء لا يعطيه، وأما الرابع والأخير فهو أن الإله يستطيع منع الشرور لكنه يتركها ليظهر مكنونات أنفس الأخيار والأشرار ليحاسبهم عليها، وهو الأليَق بالإله الخالق العظيم كامل القدرة.
الفكرة من كتاب الميديا والإلحاد
لما كان للميديا على اختلاف أنواعها عميق الأثر في النفوس وتوجيه الفكر إلى ما لها من قوة وسرعة في الانتشار بين الناس، كان لزامًا تتبُّع ورصد هذه الوسائل وتفنيد ما فيها.
يستعرض المؤلف في هذا الكتاب أهمية الميديا وأثرها في الوعي وبخاصةٍ الوسائل البصرية ودورها في نشر الإلحاد الشعبي الذي لا يستند إلى الفكر وإنما إلى العاطفة، مع عرض أمثلة من الأفلام والمسلسلات والألعاب وأشهر المغالطات المنطقية المستخدمة في هذه الوسائل.
مؤلف كتاب الميديا والإلحاد
أحمد محمد حسن: مهندس معماري، عمل مديرًا بمركز براهين للأبحاث والدراسات ما بين 2013 و2015، وهو مدير البحث العلمي بمركز دلائل المهتم بالتنمية الإيمانية وتعزيز المناعة الفكرية، وهو محاضر مختص في القضايا الفكرية المعاصرة من الإلحاد والقضايا اللادينية، وله عدد من الإسهامات في هذا المجال.
ومن أهم مؤلفاته: “الكل مبتلى.. ولكن” الذي يتناول الحالة الإلحادية من الناحية النفسية، وكتاب “أسس غائبة” وفيه يتناول مشكلة الشر والألم والمعاناة والردود عليها من الناحية الشرعية الإسلامية وتوضيح الردود الغربية أيضًا، مع مقارنتها بما جاء في الإسلام، وقام بجمع كتابات الدكتور جون لينكس في نقد الإلحاد والرد على منكري الأديان ورتَّبها وعلَّق عليها وضمها بين دفتي كتاب “أقوى براهين الدكتور جون لينكس”.