معضلة السجينيْن
معضلة السجينيْن
من الطبيعي أن الإنسان يطمح إلى منفعته الفردية، لكن هذا يخدم الصالح الاجتماعي من وجهة نظر آدم سميث مؤسس علم الاقتصاد، الذي يقول في كتابه ثروة الأمم ما معناه: «إن الإنسان كائن اقتصادي يهتم بمصلحته بالدرجة الأولى، وإذا قام كل شخص بفعل الأصلح له فإن هذا يصبُّ في مصلحة الجميع في النهاية»، لكن هل هذا ينطبق على جميع الحالات؟
تم اختراع لعبة تعدُّ من أهم الألعاب الإستراتيجية عُرِفت بمعضلة السجينيْن، وهي كالآتي: افترض أنه تم حبسك أنت وصديقك، كل منكما في زنزانة منفردة بحيث لا يسمع كل منكما الآخر ولا يراه، جاء المحقق وعرض عليك العرض الآتي: إذا اعترفتَ على زميلك بالجريمة ولم يعترف هو عليك فسيتم الإفراج عنك وحبس زميلك 10 سنوات، وإذا اعترفَ هو عليك ولم تعترف أنت عليه فسيتم الإفراج عنه وحبسك أنت 10 سنوات، وإذا اعترف كلٌّ منكما على الآخر فسيتم سجنكما 5 سنوات، وإذا لم يعترف كلٌّ منكما على الآخر فسيتم الإفراج عنكما.
والحقيقة أنك إذا طبقت مقولة آدم سميث دون فهمٍ عميقٍ لها، فإنك بالطبع ستختار مصلحتك وتعترف على زميلك، ومن ثم سيتم الإفراج عنك في حالة لم يعترف هو عليك، أو سيتم حبسك 5 سنوات في حالة اعترف هو عليك أيضًا، لكن ليس هذا هو الخيار الأفضل للجميع!
لكن إذا دققنا في معنى جملة آدم سميث فإنه لم يكن يقصد بالأصلح الفعل الأناني، إنما قد يكون الأصلح هو التعاون للحصول على أفضل النتائج، هذا ما يعبر عنه ديفيد هيوم بقوله: «إنني أتعلم أن أسديَ خدمةً لشخص آخر دون تحميله أي معروف، لأنني أتنبأ بأنه سوف يرد لي خدمتي على أمل إسدائه خدمةً أخرى من نفس النوع، ومن أجل الحفاظ على نفس التبادل للمساعي الحميدة معي ومع الآخرين».
هذا هو الخيار الأفضل بالفعل، أن تبدأ بالتعاون، فإن هذا سيحقق الصالح لك وللآخرين أيضًا.
الفكرة من كتاب نظرية الاختيار.. مقدمة قصيرة جدًّا
كثيرةٌ هي الخيارات التي نواجهها، بدءًا من حياتنا اليومية: ماذا سنأكل؟ أي وسيلة مواصلات سنستقل؟ إلى أي مكانٍ سنذهب؟ مرورًا بالمنعطفات المهمة في حياتنا: ماذا سنعمل؟ مع مَن سنقضي بقية عمرنا؟ كذلك الخيارات على المستوى الجماعي: مَن سوف ننتخب؟
والحقيقة أن التطوُّر الحاصل في عالمنا زاد من الخيارات المتاحة أمامنا، وهذا وإن كان أمرًا جيدًا في حدِّ ذاتِه إلا أنه فتح أبواب الحكم على اختيارات الأشخاص، فأصبحنا نصِف بعض الاختيارات بالعقلانية وبعضها بعدمها، كما أننا صرنا نتساءل عن كيفية الاختيار عند عدم وضوح النتائج، وهل الإستراتيجيات المطبَّقة في أثناء الاختيار على المستوى الفردي هي ذاتها التي تطبَّق في أثناء الاختيار على المستوى الجماعي؟
يبيِّن الكتابُ نظريةَ الاختيار وكيفيةَ تطبيقها على مستوى هذه السياقات المختلفة، موضحًا معنى العقلانية، مع مناقشةٍ لفكرة توزيع الموارد.
مؤلف كتاب نظرية الاختيار.. مقدمة قصيرة جدًّا
مايكل ألينجهام : خبير اقتصادي بريطاني، وزميل كلية مودلين بجامعة أوكسفورد، درس عديد المجالات كالفلسفة الطبيعية والاقتصاد السياسي في جامعة إدنبره، واشتغل بالتدريس في عدد من الجامعات، وشغل منصب رئيس قسم النظرية الاقتصادية في جامعة كنت.
اشتهر بأعماله عن نظرية الاختيار وعدالة التوزيع، ومن أشهر مؤلفاته في هذا الصدد: «نظرية الاختيار العقلاني» و«التوازن وعدم التوازن» و«نظرية الأسواق».