معضلة التعاطف
معضلة التعاطف
عندما نشير إلى التعاطف في سياق القيادة فإن بعض المسؤولين قد لا يستطيعون الجمع بين الصرامة والتعاطف، وقد يظهر للقائد أن التعاطف يناقض الصرامة، فإما أن يكون صارمًا ويحقِّق متطلبات العمل وإما أن يكون متعاطفًا يحقِّق رضا الأفراد، ويؤكد مؤلفو الكتاب أنه لا يوجد تعارض بينهما، فأن تكون متعاطفًا لا يعني أبدًا الإخلال بالأهداف المنشودة والمعايير، ولكن التعاطف الحق -بعيدًا عن التعاطف المصطنع- يتجاوز مجرد الإدراك العقلي لمشكلات الأفراد بالتفهم الصادق لما يمرون به والشروع في إجراءات تؤكد ذلك، ما يدفع الأشخاص إلى الابتكار والعمل الجاد أكثر فأكثر دون مخاوف.
وقد يواجه القادة مجتمعات جديدة تختلف قيمها وثقافتها عن المجتمع الأم، ويبالغ بعضهم في الانغماس في ثقافة المجتمع الجديد لدرجة أن يصبح واحدًا منهم بصورة كلية! يظن القائد أن ذلك هو السبيل الوحيد للتعاطف مع الأفراد في بيئة العمل الجديدة وإشعارهم بالاندماج، ولكن لا يفطن إلى أن ما فعله هو ذوبان تام يضيع معه قيم ومسؤوليات المؤسسة التي يمثلها، وثمة شريحة أخرى من القادة يعزلون أنفسهم تمامًا عن البيئة الجديدة ويرفضون قيمها، ويتمسَّكون فقط بما لديهم من مسؤوليات وأهداف. والقائد المثالي هو من يحقِّق التوازن بين التفاعل الحقيقي مع الأفراد والالتزام بتنفيذ أهداف ورسالة المؤسسة في نفس الوقت، وهو كذلك من يمتلك القدرة على تحديد القدر الملائم إظهاره من التعاطف باختلاف المواقف.
ولأننا جميعًا بشر فليس القائد مجرد مسؤول تنفيذي فحسب، بل كغيره من الناس لديه عيوب ومعوقات شخصية ولكن الفارق الوحيد في تعامل القائد مع عيوبه الشخصية، فليحذر الإفصاح عنها داخل شركته ويتجنَّب إظهارها بكل ما أمكن، فمتى أدرك أحد المنافسين من داخل الشركة أو من خارجها عيوب القائد فسوف يستغل ذلك في الإطاحة به، وليس من الحكمة أن يُعلن القائد عن ضعفه وتشكُّكه، بل الأفضل ينتظر المواقف التي تحتاج بحق أن يقول فيها “لا أعلم” أو أن يعترف بخطأ ما، وعندما يفعل ذلك القائد القوي فإنه يكتسب لدى الأشخاص صفة إنسانية ملازمة له دون أن يظهر ضعيفًا.
الفكرة من كتاب العقل والقلب والشجاعة: ثلاث سمات تصنع منك قائدًا ناجحًا
شهد العالم تحولات مركزية كبرى في كل العلوم والفنون، ورافق ذلك تغيرات مفاهيمية وعملية تجعل من استيعابها وتغيير أدواتنا واستراتيجياتنا لتلائم هذه التحولات والتطورات ضرورة أساسية في أعمالنا. والقيادة كغيرها من العمليات تأثرت كثيرًا بهذه التحولات والتغيرات، مما عدَّ القيادة الجزئية المرتكزة على القوة وحدها فشلًا في العصر الحالي وإن كانت قد نجحت في عصور سابقة.
يقدم هذا الكتاب قراءة جديدة للقيادة المتكاملة بجوانبها الثلاثة: العقل والقلب والشجاعة، موضحًا مفهوم كل جانب كاشفًا عن الروابط العميقة بينها وما يشمله من عوائق تواجه القادة الراغبين في قيادة ناضجة.
مؤلف كتاب العقل والقلب والشجاعة: ثلاث سمات تصنع منك قائدًا ناجحًا
ديفيد إل دوتليتش David L. Dotlich: رئيسُ مَركزِ “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، ونائبُ الرئيس التنفيذي السابق في شركة “هانيويل إنترناشونال”، ومشارك في مؤلفات عدة منها: “قائد غير كامل”، و”ممرات القيادة”.
بيتر سي كايرو Peter C. Cairo: رئيس إدارةِ إعداد برامج تطوير المسؤولين التنفيذيين واستراتيجية القيادة في مركز “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، وأسهم في تأليف عدة كتب منها: “لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون”، و”عالقون في الوسط”.
ستيفن إتش راينسميث Stephen H. Rhinesmith: شريكٌ في مركز “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، وشغَلَ منصبَ رئيس شركة “هولاند أمريكا لاين”، ومن مؤلفاته: “دليل المديرين للعولمة”.