معركة الوعي.. لماذا لا تهرب الأفيال؟
معركة الوعي.. لماذا لا تهرب الأفيال؟
هل تساءلت يومًا لماذا لا تهرب الأفيال من السيرك، لماذا لا تكسر القيود والسلاسل التي تقيِّدها بكل بساطة وتهرب، ففي النهاية الفيل الذي لديه من القوة والضخامة لحمل حمولات القطارات وجذب السيارات الضخام لن يعجز عن كسر القيود التي تكبِّله… فأين المشكلة إذن؟ المشكلة يا صديقي ليست في القيود التي تكبِّل قدمه، المشكلة في القيود التي تكبِّل وعيه، إذ إنه منذ طفولته وهو يرسف في هذه الأغلال حينما لم يكن يقوى على الخلاص منها، ولما كبر كبر معها وظل في عقله ضعفه ويأسه من الخلاص أو الفكاك منها.
هذا مثال رمزي بسيط على ما يمكن أن يفعله التلاعب بالوعي، إذ يمكنك أن تجعل إنسانًا -سواء دري أم لم يدرِ- حبيس فكرة معينة وتشكِّل موقفه تجاه الأشياء ترغيبًا أو ترهيبًا عن طريق كلمة أو موقف أو صورة قد لا يلقي لها بالًا، وعلى هذا لم تعد الحروب بين الأمم على حيازة الأرض بالبنادق والصواريخ، بل أصبحت على حيازة الوعي وتشكيله وتوجيه الجماهير، ومن فهم هذا أعاد النظر في الكثير مما تمتلئ به بيوتنا.
فإن برامج المواهب، على سبيل المثال، التي يكون فيها الحكام من أهل التمثيل والغناء، والتي قد تبدو في ظاهرها بسيطة للترفيه والجماهير لكن في عمقها ما هو أخطر، وإن كان الغرض في أغلب الأحوال التكسُّب والترفيه، إذ تتلاعب بمفاهيم مثل القدوة والموهبة في عقول الأطفال والمراهقين، فحينما يرى الشاب ما لهذه الفئة من الحظوة والاهتمام، وأن في أيديها وصف شخص بالموهبة فينجح وآخر بعدم الموهبة فيفشل، سوف يتشكَّل في وعيه أنَّ هؤلاء الأشخاص مستحقون للاحترام والتقليد.
الفكرة من كتاب الميديا والإلحاد
لما كان للميديا على اختلاف أنواعها عميق الأثر في النفوس وتوجيه الفكر إلى ما لها من قوة وسرعة في الانتشار بين الناس، كان لزامًا تتبُّع ورصد هذه الوسائل وتفنيد ما فيها.
يستعرض المؤلف في هذا الكتاب أهمية الميديا وأثرها في الوعي وبخاصةٍ الوسائل البصرية ودورها في نشر الإلحاد الشعبي الذي لا يستند إلى الفكر وإنما إلى العاطفة، مع عرض أمثلة من الأفلام والمسلسلات والألعاب وأشهر المغالطات المنطقية المستخدمة في هذه الوسائل.
مؤلف كتاب الميديا والإلحاد
أحمد محمد حسن: مهندس معماري، عمل مديرًا بمركز براهين للأبحاث والدراسات ما بين 2013 و2015، وهو مدير البحث العلمي بمركز دلائل المهتم بالتنمية الإيمانية وتعزيز المناعة الفكرية، وهو محاضر مختص في القضايا الفكرية المعاصرة من الإلحاد والقضايا اللادينية، وله عدد من الإسهامات في هذا المجال.
ومن أهم مؤلفاته: “الكل مبتلى.. ولكن” الذي يتناول الحالة الإلحادية من الناحية النفسية، وكتاب “أسس غائبة” وفيه يتناول مشكلة الشر والألم والمعاناة والردود عليها من الناحية الشرعية الإسلامية وتوضيح الردود الغربية أيضًا، مع مقارنتها بما جاء في الإسلام، وقام بجمع كتابات الدكتور جون لينكس في نقد الإلحاد والرد على منكري الأديان ورتَّبها وعلَّق عليها وضمها بين دفتي كتاب “أقوى براهين الدكتور جون لينكس”.