معرفة.. فاتصال.. فإقامة
معرفة.. فاتصال.. فإقامة
تَذكُّر البدايات يُعين على إعطاء الأمور قدرها وقيمتها ويساعد على فهم مقاصدها والحكمة منها، لذا كان من المهم لمن يرغب في تدبر وفهم القرآن الكريم أن يتعرف ويطلع على حيثيات وملابسات وظروف نزول الآيات والواقع الذي نزلت فيه ليعرف مدى تأثير واحتياج ذلك الواقع إلى تلك الآيات.
لنعد إلى موضوع الصلاة، كانت بدايات الصلاة في السماء السابعة في رحلة خاصة لم تتكرَّر في التاريخ ليس لها شبيه قبلها ولا بعدها، رحلة كاملة بأحداث خاصة طُوِيَ فيها الزمان والمكان لأجل أغراض وحكم كان منها فرض الركن الثاني من أركان هذا الدين القويم، ومتى كانت هذه الرحلة؟
كانت بعد اثني عشر عامًا من النبوة، نعم قضى المسلمون الأوائل اثني عشر عامًا دون صلاة، ماذا كانوا يفعلون إذًا؟
كانوا يهيَّؤون تهيئة نفسية حتى إذا نزل أمر مثل هذا امتثلوا له بغير ممانعة، ولعل هذا أحد الأسباب التي تشكِّل حاحزًا بيننا وبين الالتزام بها أو معايشة معانيها والخشوع فيها لأننا غير مهيئين نفسيًّا بشكل كافٍ لإقامتها إقامة صحيحة، كيف تهيَّؤوا هم إذًا حتى كانوا يقيمون الليل بلا ملل ويصلون في الضحى اثنتي عشرة ركعة؟
قضوا تلك الأعوام يتدبَّرون ما ينزل من الوحي ويتعرَّفون على الله (تبارك وتعالى)، يتعرَّفون على الملك الذي سيفرض عليهم فيما بعد وسيلة تواصل بينهم وبينه، تخيَّل ولله المثل الأعلى أنك تقضي زمانًا من عمرك تتعرَّف فيه إلى وزير من الوزراء أو ملك من الملوك تسمع عنه ترى آثاره في نفسك وفيمن حولك تسمع خطاباته التي تخاطب عقلك وقلبك ويقشعرُّ لها بدنك ليل نهار، بالطبع سيُخلق بداخلك رغبة في التحدث معه في شكره والثناء عليه، في إنزال حاجاتك به واللجوء إليه، هكذا كان حالهم قبل الصلاة حتى إذا فُرِضت أقاموها حق إقامتها.
لذا فإن أهم خطوة في طريق التزامك بها أن تتعرَّف بيد مَن ستقف، ومَن ستناجي، وبكلام مَن ستتحدث، ومما يساعدك على ذلك أن تفهم أسماءه وصفاته وتتدبَّر في آياته وكونه، وتنعش قلبك بين فترة وأخرى بموعظة تحييه وتجدِّد ما مات فيه، وتقترب منه أكثر فأكثر، فكلما اقتربت منه اقترب هو منك، وقد قال رب العزة في الحديث القدسي: “إذا تقرب العبد إليَّ شبرًا تقرَّبت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إليَّ ذراعًا تقرَّبت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة”.
الفكرة من كتاب فاتتني صلاة
من وجهة نظر إنسانية وأخرى نفسية نجلس مع الكاتب في محراب الصلاة، نعرِّج معه إلى السماء السابعة ثم نهبط إلى دواخلنا ونطوف داخل أنفسنا وعقولنا، نفحص معه الداء حتى نصل إلى الدواء، وما ذلك إلا نتاج تجربته الخاصة، وأصدق النصائح تلك التي تأخذها ممن تربت قدماه سعيًا حتى وصل.
مؤلف كتاب فاتتني صلاة
إسلام جمال يبلغ من العمر ثلاثين عامًا، مصري الجنسية، يعمل مهندسًا بحريًّا، حصل على شهادة البكالوريوس في مصر بينما حصل على شهادة الماجيستير في إنجلترا، وغايته من الكتابة هي ربط علم النفس بالدين، والعبادات بالحياة.
من أبرز مؤلفاته: “آيات تغير حياتك”.