معايير القراءة التاريخية
معايير القراءة التاريخية
في ظل موضوع حساس كهذا يتعلق بتاريخ الأمة، وميراث النبوة، والصحابة العدول علينا أن ندرك أن نوع القراءة التاريخية التي يناقشها هذا الكتاب لها دور مهم وفعال في بناء التصور الصحيح عن كل ما جرى في تلك الفترة، وهذا لا يتحقق إلا بمعايير وشروط تضبط هذه القراءة وتحدد مصادر صحتها وتحد من المصادر اللبس أو التشويش حيال ذلك.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال كيف نتمكَّن من قراءة تاريخنا الإسلامي قراءة صحيحة؟
عندما يتعلق الأمر بالتاريخ الإسلامي، فمسألة القراءة التاريخية ينبغي أن تكون مضبوطة بعدة شروط وضوابط، لا لشيء إلا لكون الأمر يتعلق بالشريعة ويتماس مع الدين والمعتقدات، ولهذا جعل علماء الأمة للروايات التاريخية ذات الشروط والضوابط التي تحكم صحة الأسانيد لقبول روايات الأحاديث والسنة وقراءات القرآن وأسانيده؛ كما أنهم وضعوا مجموعة من التحرزات والتحذيرات فيما يتعلق بقراءة التاريخ الإسلامي أو في شأن قبول المرويات المتباينة حوله، ومن أهم هذه التحذيرات عدم الاكتراث بمؤلفات المتأخرين حول ما حدث بين الصحابة لأن أغلبها روايات شعبوية وعاطفية وبعيدة كل البعد عن الضابط الموضوعي.
كما جاء التحذير كذلك من القراءات التاريخية التي تعبر عن ميل أو رأي المؤلف، حيث لا يلتزم فيها المؤلف بحدود البحث والنقل الموضوعي أكثر من كونها خاضعة لميله وانطباعاته تجاه ما جرى في تلك الحقبة، وهذا مما يقدح في علمية هذا الطرح ومصداقيته.
ولقراءة تاريخية أكثر تثبتًا وموثوقية ينصح بكتب تاريخ الأمم والملوك، ككتاب “البداية والنهاية” لابن كثير، وكتاب “تاريخ الإسلام للذهبي”، وسلسلة “سير أعلام النبلاء” لأن ما يميز هذه الكتب الالتزام بالأسانيد وبيان درجاتها قويِّها من ضعيفها، ما يجعل الباحث والقارئ أكثر طمأنينةً حيال صحيحها وضعيفها، وهذا مهم جدًّا لأي قراءة تاريخية مفيدة، إذ كان الغرض من قراءة التاريخ العلم بالحقيقة والعمل بمقتضى لوازمها وإلزاماتها وما آلت إليه.
الفكرة من كتاب حقبة من التاريخ
حظيت فترة الصحابة (رضوان الله عليهم) لا سيما بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحظ وافر من الأحداث المزلزلة والمنعطفات السياسية والصراعات المسلحة والمواجهات التي غيرت مجرى التاريخ الإسلامي من بعدها، ونتج عن هذه الفتن والملاحم تغيرات جذرية ظهر على أثرها حركات ومذاهب وجماعات ونحل وطوائف كان بعضها بمثابة دين نقيض وموازٍ يحاول الفتك بجسد هذه الأمة من داخلها، ومن بين أهم هذه الصراعات هو الصراع السني الشيعي الذي بدأ من “عبد الله بن سبأ اليهودي” إلى صورته المذهبية الأخيرة التي انتهى إليها ونعرفها اليوم باسم “الشيعة”، ولتكون على مقربة من تلك الأحداث ستجد في هذا الكتاب سردية تاريخية موضوعية لما حدث من فتن في ذاك الزمن وما نتج عنها، حاول المؤلف جاهدًا توضيح حيثياتها لرفع اللبس الحاصل في شأن ملابسات تلك الفترة، ولدرء التهم عن شخوص مجموعة كبيرة الصحابة (رضوان الله عليهم).
مؤلف كتاب حقبة من التاريخ
عثمان بن محمد الخميس الناصري التميمي: كويتي الجنسية، حاصل على شهادة الماجستير في الحديث النبوي، كما حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تلقَّى التعليم الشرعي على يد الشيخ الراحل محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)، وشغل منصب موجِّه أول في وزارة الأوقاف، كما كان رئيس مدرسة ورثة الأنبياء، وخطيبًا وإمام مسجد ومحاضرًا جامعيًّا في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، ومن بين مؤلفاته: “من هو المهدي المنتظر”، و”شبهات وردود”، و”من القلب إلى القلب”، و”منهج الحق في العقيدة والأخلاق”.