مظاهر العجز
مظاهر العجز
تختلف مظاهر العجز في طبيعتها وحدَّتها من عاجز إلى آخر، ومن أهم تلك المظاهر ترك الدعوة إلى الله وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففي أي مجتمع يوجد العديد من الصالحين الذين يرجون رحمة الله تعالى والدار الآخرة، ويقيمون الفرائض والنوافل، لكنهم غير عاملين بهذا للتمكين لدين الله تعالى في الأرض، فيهتمُّون بأنفسهم فقط، وينعزلون في بيوتهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر إلا نادرًا، يذهبون إلى أعمالهم لكن لا يقدِّمون على إعطاء أي نصيحة لزملائهم، وهذا الكسل لا يوجد إلا عند الدعوة إلى دين الله تعالى، فهم نشطون في أثناء تحصيل المال والدنيا والميل إلى شهواتها.
وتمتلئ سيرة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بالعديد من المواقف التي تنمُّ على وجوب أن يكون المسلم مشاركًا بقوة في تيسير الحياة وإدارة شؤونها منها: تخفِّيه (صلى الله عليه وسلم) بالدعوة قرابة ثلاث سنوات، ودعوته خديجة وعليًّا وأبا بكر ومن بعدهم (رضى الله عنهم) إلى الإسلام، وما لاقاه الصحابة (رضي الله عنهم) من الإيذاء والتعذيب، وصعوبة ذلك على نفسه الشريفة وما لاقاه أيضًا من إغراء بالمال والنساء وعداوة المنافقين له ومحاولة قتله، وما أوذي به في عرضه وصبره على استشهاد أقربائه وأصحابه (رضي الله عنهم)، وكل تلك الجوانب توحي بشدة المعاناة التي واجهها النبي (صلى الله عليه وسلم) في نفسه وأهله وأصحابه ودعوته، ورغم ذلك لم يروَ قطُّ عنه أي تقصير، بل قام (صلى الله عليه وسلم) بأعباء الدعوة على أحسن وجه، فما يمكن أن يواجهه الثقات اليوم لا يُقارن بما لاقاه النبي (صلى الله عليه وسلم)، لذا من الضروري ألا يعجزوا فيملوا ويتركوا دعوتهم ودينهم.
وقد سار الصحابة على هذا النهج (رضي الله عنهم) وأعلام السلف الصالح ومن تبعهم، فهجروا الراحة وحملوا هم الدين، وضحوا بالعيش الهني حفظًا لدعوة الله تعالى، وقيامًا على مصالح الأمة، والعجيب أن تارك الدعوة لا يعترف أبدًا بعجزه خجلًا منه، بل يقدِّم أعذارًا خائبة، متهمًا الآخرين بأنهم سبب عجزه وضعفه، وقد يتعذَّر أن لديه مشكلة أو أكثر؛ إذ مَن في الخلق مِن بني آدم يخلو من مشكلات وهموم؟
الفكرة من كتاب عجز الثقات
يعيش عموم المسلمين اليوم حالة من ضعف الهمة والكسل والعجز من القيام بما هو مطلوب منهم في هذه الحياة الدنيا، فيمضي بهم العمر دون أثرٍ يُذكر أو عملٍ يُشكر، فما أسباب العجز وأنواعه، ونتائجه، وكيف السبيل إلى التخلص منه؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب.
مؤلف كتاب عجز الثقات
محمد موسى الشريف: من مواليد جدة بالسعودية عام 1318 هجريًّا، يعدُّ من القلائل في العالم العربي الذين جمعوا بين فنون عدة، حصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وهو عضو لجنة الدعوة والقرآن الكريم بهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية سابقًا، ويعمل حاليًّا قائد طائرة في الخطوط الجوية السعودية، ومقدم برامج في التلفزيون السعودي، وله العديد من المؤلفات، منها:
الثبات.
مذكِّرات طيار.
الثقافة الآمنة.
الهمَّة طريق إلى القمة.