مصر تحت حكم الإسلام
مصر تحت حكم الإسلام
عدل المسلمون فى حكمهم، فلم تفرض الجزية على الشيوخ والنساء والأطفال، ولم تكن باهظة كعهد الروم، ويؤكد الكاتب أن قصة حرق مكتبة الإسكندرية لا تستقيم بحال، لأنها إما تشير إلى مكتبة المتحف التى ضاعت فى الحريق الذى أحدثه قيصر، وإما إلى مكتبة السرابيوم التى فى الغالب هلكت كتبها أو نُقلت قبل عام 391م. وإن كانت لا تزال موجودة، فإن الهدنة التى أعطاها العرب كانت كافية جدًّا لنقل تلك الكتب من الإسكندرية.
سبق ذكر أن البطريرك بنيامين هرب زمن مجيء المقوقس فبلغ ذلك عَمرًا، فأرسل إليه وأعطاه الأمان، فعاد بنيامين بعد ثلاثة عشر عامًا من الهروب، ليجمع شمل قومه من القبط الذين بدلوا دينهم نتيجة اضطهاد الروم، وأصلح ما تبقى من الأديرة، فقرب ذلك عمرًا من قلوب القبط حتى قال حنا النقيوسي يمدحه: “لم يضع يده على الكنائس، ولم يغصب، ولم ينهب”، رغم أن حنا النِّقْيُوسي هذا لم يكن يتورع أن يسب العرب الكفار من وجهة نظره، ويرميهم بأفظع التهم فى كتابه، إذ زعم أنه عند دخولهم مدينة نِقْيوس، قتلوا كل من وجدوه فى طريقهم حتى من لاذ بالكنائس، ولم يدعوا رجلًا ولا امرأة ولا طفلًا!
وفى ولاية عثمان بن عفان، بعثت القسطنطينية وحاكمها يومئذ “قُنِسْطَنْس” بأسطول من ثلاثمئة سفينة لاسترجاع الإسكندرية بقيادة منويل سنة 654م/25هـ، وساعدهم الروم الموجودون بمصر، أما القبط فقد خشوا استرجاع ذكريات قيرس المؤلمة وخافوا أن يُجبروا على تبديل دينهم، فآثروا مساعدة العرب.
وكان عمرو بن العاص قد عُزل عن ولاية مصر ووُلي مكانه “عبد الله بن سعد”، فلما كان من أمر الروم ما كان، وُلي عمرو أمر الجيش من جديد لدهائه فى الحرب، واستدرج الروم إلى مدينة نقيوس ودار فيها قتالًا شديدًا قاتل فيه عمرو حتى قُتل فرسه فقاتل راجلًا، حتى انتصر العرب وفر الروم نحو الإسكندرية والمسلمون من ورائهم، فاحتمى الروم بالمدينة وأغلقوا أبوابها واستعدوا للحصار، لكن البواب “أبا أسامة” فتح الباب للمسلمين مقابل أن يُؤمن على نفسه وأهله، ودخل المسلمون المدينة سنة 646م، وقتلوا من وجدوا من الروم وكان منويل في من قتل، وقصد عمرو إلى أسوار المدينة فهدمها حتى لا يتحصن بها العدو إن عادت الكرة.
الفكرة من كتاب فتح العرب لمصر
كثيرًا ما تتضارب الأقوال عندما يتعلق الأمر بفتح بمصر، فالبعض يذكر أنها اغتصبت قهرًا من المسيحيين، والبعض يذكر أنها خُلّصت من بطش الروم، والبعض يلمِّح إلى اتفاقيات تمت سرًّا للإيقاع بمصر فى يد عدوها، سواء كان العدو من العرب أم الفرس أم من الروم أنفسهم.
يحاول ألفريد بتلر فى هذا الكتاب أن يجمع كل دليل يحصل عليه من كتابات القبط القدماء أو العرب أو ممن عاشوا فى تلك الحقبة الهامة، منذ صعود هرقل إلى حكم الروم مرورًا بسيطرة الفرس على الشام ومصر بعد انقلاب موازين القوى، ثم استعادتهما من جانب الدولة الرومانية، حتى دخول العرب وحلقات الصراع الطويلة التى انتهت بإخضاع الإسكندرية سنة 654م.
محاولًا تفنيد القول المزعوم بأن القبط رحبوا بالعرب كمناقشة أولى فى كتابه، ويتطرق أيضًا إلى تبرئة العرب من اتهامات لحقت بهم مثل حرق مكتبة الإسكندرية، لكنه يرميهم باتهامات أُخرى.
مؤلف كتاب فتح العرب لمصر
ألفريد بتلر : مؤرخ بريطاني، درس بأكسفورد وحصل على زمالة كلية براسينوز عام 1877م والدكتوراه عام 1902م. اهتم بالتاريخ المصري وكتب فيه مؤلفات عدة، منها:
الكنائس القبطية القديمة في مصر.
الحياة الملكية في البلاط الملكي.
معلومات عن المترجم:
محمد فريد أبو حديد: كاتب مصري راحل، تخرج عام 1914م في مدرسة المعلمين العليا، وكان من مؤسسي مجلة الثقافة حتى أصبح رئيسًا لتحريرها، واشترك في إنشاء لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1914م، ثم في إنشاء الجمعية المصرية للدراسات الاجتماعية عام 1937م، وله مؤلفات عدة، منها:
صلاح الدين وعصره.
أمتنا العربية.
أبو الفوارس عنترة بن شداد.